رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إعلان يسوع المسيح
في مطلع رسالة اليوم قول بولس: «الإنجيل الذي بَشّرتُ به ليس بحسب إنسان… بل بإعلان يسوع المسيح». ثم يتابع: «لما ارتضى الله… ودعاني بنعمته أن يعلن ابنه فيّ لأُبشّر به بين الأُمم، لساعتي لم أُصغِ إلى لحم ودم… بل انطلقتُ». هذا مُنطلق إيمان الرسول وأساس الذين تبعوا يسوع. فإن المسيح هو الوسيط الوحيد بين الله والناس، هو المخلّص وهو الذي يجمع في ذاته كل الذين انقسموا. من هنا جهادنا حتى نسكن أعماق المسيح، ومن هنا وعينا أن من لا يسكن في عمق السيد ليس على شيء لأن ما خلا المسيح تجارب بشرية وضرورات عيش. علينا أن نقول لكل واحد انك أنت تقيم في سلام ربك، وإذا أنت صالحته وتطهّرت وسجدت وأَحببت فإنك تقدّم للآخرين «إعلان يسوع المسيح» الذي فيك، ولهم أن يأخذوا منه قسطهم. أنت تأتي من هذا الخلاص الذي تمّ بالمحبة وتعطي المحبة شاهدًا لها. واما إذا كنت مبغضًا وأسلمت للعنف وللاستغلال فأنت لست بشيء ولست بتابع للإنجيل. لا نستطيع ان نُقابل ديننا بدنيانا فإن في الدنيا من كان خيرًا منا بكثير، وان في العقل من كان أفضل منا بكثير. نحن بلا المسيح ككل الناس. ننطلق إذًا من وجوده الحيّ فينا شهودًا له، إخوة للناس جميعًا، معلّمين البشر جميعًا انهم محبوبون بالقدر الذي نحن محبوبون به. ليس المسيحي أحب إلى الله من سائر الناس بل المسيحي يُدان أكثر مما يُدان سائر الناس لأنه تلقّى الرسالة كاملة، وغضبُ الله يُعلن عليه قبل ان يُعلن على الناس. هذا تراثنا وهذا كتابنا. من هنا اننا نعطي بلا حساب ونعطي على الرجاء ونحن نثق بالبشر ونثق بأن الله مُحوّلهم اليه لأنهم كُوّنوا جميعًا على صورته ومثاله. في كل مخلوق صورة الله، يُشوّهها المخلوق، ولكن الله يعيدها إلى الجمال الذي كانت عليه بنعمة منه وبرضاه. ولكن ما علاقة مسيرة السلام الداخلي العميق هذا بما يجري حولنا؟ أمام زخم الشر في المجتمعات البشرية، لا نستطيع فقط ان نقول: إنجيلنا «ليس بحسب إنسان»، وان نبقى مكتوفي الأيدي منتظرين إصلاح الكل. فالناس لم يُبَشَّروا دفعة واحدة، ولو بُشّروا فإنهم من بعد بشارتهم ساقطون. ما العمل إذًا؟ العمل ان نُتمّ الدعوة إلى الخلاص ونتطهّر أفرادًا، ونحاول ان نشكّل فئات صغيرة قلوبها مفعمة بالخير تنصرف إلى الصلاة وإلى التربية وإلى الفكر وإلى الحب على رجاء ان نعيش في جو من المحبة بين الناس وإنصاف للإنسان، كل إنسان، حتى إذا حصل شيء من المحبة بين الناس يطمئنّون بعضهم إلى بعض، ويرجون بعضهم إلى بعض، ويعاملون بعضهم بعضًا بالحُسنى، ويتعاونون في سبيل بناء مجتمع يقوم فيه التمجيد لله بالعمل الصالح. جاورجيوس، مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان) |
|