رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من مسقط رأس الضحية الثالثة لـ حادث المنيا
ساعات انتظار وترقب، عاشها أهالي الدكتورة نورا، ثالث ضحايا ميكروباص الطبيبات بقرية الدير بمحافظة المنيا. تلك الطبيبة التي دخلت في غيبوبة عقب الحادث، ونقلت إلى العناية المركزة بمعهد ناصر. يتلقى الأهالي بين الحين والآخر مكالمة هاتفية تخبرهم بتوقف نبض القلب، وأخرى تخبره بأنه ما زال يدق، وأن هناك فرصة لإنقاذ حياتها، حتى جاءت المكالمة التي أكدت وفاتها، وبمجرد انتهاء الأوراق والتصاريح سوف يتحركون بالجثمان إلى المينا. وعلى عكس سكون القرى ليلا، ضجت قرية الدير بالعويل، حسرة على وفاة ثالث طبيبة في حادث الميكروباص المتوجه إلى القاهرة، لنقل ١٢ طبيبة من أطباء المنيا، لحضور دورة تدريبية حول الكشف على مرضى سرطان الثدي. انتظر رجال القرية وصول جثمان الفقيد في صمت، جلوسًا على مقاعد خشبية على جنبات الشوارع الضيقة، بينما افترشت النساء أرض بيت عمها الأكبر، متشحات بالسواد حزنا عليها، يسردن سيرتها، وكلما تذكرن تفاصيلها، تعالت طبقات صراخهن، وتضاعفت حسرتهن عليها. ابنة عمها تصرخ بوجه اصطبغ بلون الدم من فرط البكاء قائلة: "الدكتورة راحت يا ناس". نورا، الطبيبة الشابة- 26 ربيعا- كانت تعيش في أسرة مكونة من أب يعمل مهندسا زراعيا (متوفى)، وأم تعمل بالتدريس، وشقيقين، وأختها الكبرى تعيش بالسعودية. شقيقتها الكبرى فور علمها بالخبر، حجزت في أول طائرة، من أجل اللحاق بجنازة أختها. أما شقيقاها، فأحدهما مهندس، والآخر مدرس، كانا ينهيان إجراءات دفنها بالقاهرة، ومعهما والدتهم، وتركوا منزل الأب مغلقا ومظلما. سكن الحزن ذلك المنزل منذ ثلاثة أشهر، بعد أن غادره الأب، وأبى إلا أن يظل قابعا بالمنزل، بعد فراق الابنة في غضون ثلاثة أشهر من وفاة أبيعا، تحكي إحدى أقاربها: "كانت متعلقة بأبوها قوي، أصله كان حنين، زعلت عليه، وكرهت البيت". حزن نورا على والدها جعلها تغرق نفسها في العمل، تبتعد عن المنزل أكثر وأكثر، تبتلعها دائرة "النوبتجيات" داخل المراكز الصحية والمستشفيات. ورثت الحنو من والدها "كانت حنينة وجميلة زي بقيت إخواتها وأكتر"، تقول إحداهن، وتبكي قبل أن تكمل، بأنها رفضت الزواج بعد وفاة والدها "رغم جمالها كانت بترفض العرسان، كل ما كان حد يتقدم لها كانت تقول بعد سنوية أبويا" تصمت السيدة قليلا، وتكمل "أصل إحنا صعايدة ودي الأصول". بدأت صرخات النساء تهدأ قليلا، متسائلات عن موعد الدفن الذي لم يكن قد تحدد؛ حيث لم تكن إجراءات تصاريح الدفن قد انتهت بعد. لا يعلم أحد إذا ما كانت ستدفن ليلا أم في وضح النهار، يقول ابن عمومتها "إحنا مجرد ما تيجي هتطلع الجنازة في الصعيد مينفعش نسنتى للصبح". وبعد ساعات طويلة، استقبل ابن العم اتصالا هاتفيا، انتهت أخيرا تصاريح الدفن، وتحرك موكب الجنازة من القاهرة، انشق السكون، وعلى الرغم من بقاء ثلاثة ساعات على الأقل على موعد الوصول توتر الجميع، ووصل الخبر إلى مجلس النساء، فارتفع الصراخ مجددا. بدأ العد التنازلي لنورا، تتناقص الدقائق الأخيرة لها. ومع حلول منتصف الليل، فرض هدوء القرى سيطرته من جديد، وخفّت الجموع بعد أن غلبهم النعاس، وفضل أغلبهم الانتظار في بيته، وخلت الشوارع، وكأنه لا يوجد أحد في القرية، وظن الجميع أن الجنازة لن تخرج إلا في الصباح الباكر. وما إن دقت الساعة معلنة أنها الثالثة والنصف فجرا، حتى وصل جثمان الطبيبة برفقة أهلها، ليتجمع أهالي القرية مجددا للمشاركة في الجنازة وتشييع جثمان الطبيبة نورا. هذا الخبر منقول من : مصراوى |
|