إذا عرضت أمامك صورة عادل إمام، أو أحمد حلمي، أو دونالد ترامب، فعلى الأرجح يمكنك سماع أصواتهم وتخيلها في ذهنك، والإشارات المميزة التي يضعونها على كلمات معينة اشتهروا بها، بالإضافة إلى نغمات اصواتهم ونبرتها. وبغض النظر عن نوع الحوار، عندما تسمع أحدهم يتكلم، يمكنك التقاط معلومات مهمة عنه من الخصائص، مثل الصوت العالي أو الصوت العميق.
فتوح شعبان علي
الصوت والصفات
المتخصصان في علم النفس، فيكتوريا ميليفا من جامعة ستيرلنغ، وخوان دافيد ليونغوميز من جامعة البوسكي، أكدا أنه على المستوى الأساسي، تنقل الأصوات الخصائص البيولوجية، مثلاً: هل الشخص المتكلم ذكراً أم أنثى، وحجم جسمه وقوته البدنية، عمره ونضجه الجنسي. فعلى سبيل المثال ، يمكن لصوت دونالد ترامب أن يشير إليك بأنه رجل، وأنه قد تجاوز منتصف العمر. لكن الجديد أن الأصوات يمكن أن تشير أيضًا إلى جاذبية الشخص وخصوبته، وحتى احتمال كونه غير مخلص.
الصوت والارتباط
تشير النظرية الشائعة لدى علماء النفس التطوريين، والمعروفة باسم "cads versus dads" ، إلى أن الرجال الأكثر ذكورة في أصواتهم ليسوا أبويين، وعادة ما يهتمون أقل بأبنائهم وأحفادهم من باقي الرجال.
ويقول الباحثان: "رغم ذلك ارتبطت الأصوات من حيث الذكورية بجذب النساء للارتباط، ووجود المزيد من الأطفال والأحفاد، وارتفاع هرمون التستوستيرون وانخفاض هرمونات التوتر، والبقاء على قيد الحياة على المدى الطويل لدى الرجال".
ومن ناحية أخرى، تصنف النساء الرجال أصحاب الأصوات المرتفعة على أنهم أقرب لخداعهن، والأقل جدارة بالثقة على العموم، كما أن النساء اللواتي يحكمن على الرجال الذين لديهم أصوات أعمق بأنهم أبعد من الغش، يفضلن الارتباط بهم على المدى القصير وليس على المدى البعيد، حيث يفضلن الرجال أصحاب الأصوات الذكورية الواضحة.
ويكشف ذلك أن النساء يستخدمن شيئاً ما في أصوات الرجال، لتقييم مدى احتمالية ممارستهم الخداع، وكذلك مصداقيتهم العامة، وهذا بدوره يمكن أن يؤثر على جاذبيتهم كشريك، وهذا يتوقف على ما إذا كانت المرأة تنجذب نحو رعاية الأب من زميل محتمل طويل الأجل، أو مجرد جينات جيدة.
الأصوات واكتشاف الغشاش
وتابع الباحثان أن دراسة حديثة أوضحت أن أصواتنا تكشف بالفعل احتمالية أن نغش، حيث تم تشغيل تسجيلات صوتية لأشخاص يتحدثون عن أنفسهم، ولا يعطي الجميع معلومات صحيحة عن خلفياتهم، والمهمة أمام المشاركين في الدراسة كان اكتشاف الغشاش ممن يقول الحقيقة، ومن المثير للاهتمام أن النساء كانت أفضل في هذه المهمة من الرجال.
وأخذت التسجيلات من أشخاص لديهم أصوات من الدرجة والجاذبية ذاتها، وكانوا من الحجم والشكل ذاته، وتاريخهم الجنسي متشابه، وهذا يعني أن أياً من هذه العوامل لم يؤثر على النتائج، لذلك لم نكن نعرف الإشارات التي استخدمها المشاركون للحكم على الاشخاص سوى من أصواتهم.
لكن النساء لسن الوحيدات اللواتي يمكنهن التقاط إشارات صوتية من الجينات الجيدة للرجال، ومعرفة احتمالية الغش من خلالها واستخدامها لمصلحتهن. فصوت المرأة يتغير أيضاً أثناء دورتها الشهرية، وربما من غير المستغرب أن يجد الرجال أصوات النساء أكثر جاذبية عندما تكون النساء قريبات من فترة الإباضة (الفترة الأكثر خصوبة) من أوقات أخرى في الشهر.
وهذه المعلومات مهمة للاستفادة منها، حيث لا تعرض النساء إشارات صريحة جداً على أنها خصبة (على عكس إناث البابون التي تتحول مؤخراتها إلى اللون الأحمر، أو إناث الغزلان اللاتي يطلقن روائح معينة للإعلان عن خصوبتهن.
الأصوات والاهتمام
وأردف الباحثان إنه "يمكن للأصوات أيضًا الإشارة إلى ما إذا كان شخص ما مهتمًا بك. ففي دراسة حديثة، طُلب من المشاركين الحكم على أصوات الأفراد الذين تحدثوا بلغة مختلفة إلى شركاء أو منافسين محتملين أو غير جذابين".
وأكدت الدراسة أنه عند التحدث إلى أشخاص جذابين، تميل أصوات الرجال إلى الوصول إلى عمق أكبر، وتتنوع درجة الصوت لدى كل من الرجال والنساء، بحيث تبدو أصواتهم أكثر ديناميكية من الأصوات الرتيبة.
وبهذه الطرق، يمكن للخصائص غير اللفظية للأصوات أن تلعب دوراً مهماً في الإشارة إلى الصحة والخصوبة والجذب والخيانة المحتملة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، يمكن أن يساعدنا انتقاء هذه الإشارات، إلى جانب الإشارات العديدة الأخرى التي نتلقاها عند التحدث إلى شخص ما، في اتخاذ خيارات أكثر استنارة ودقة، بشأن أن نمضي وقتنا معه أو نتجنبه.