رسالة يهوذا
أحد الرسائل الكاثوليكية أي "الجامعة" السبع التي أطلق عليها هذا الاسم لأنها لم توجه إلى جماعة معينة من المسيحيين بوجه الخصوص، بل إلى الكنيسة كلها على وجه العموم. وقد ذكر كاتبها أنه أخو يعقوب، الذي يرجح أنه كان ذلك الشخص الشهير ذا المقام السامي في كنيسة أورشليم. ويرجح أنه أحد الذين يسمون في العهد الجديد "أخوة الرب" (مت 13: 55 و مر 6: 3).
ولا يدّعي كاتب الرسالة أنه رسول (ع 17). والرسالة عبارة عن نبذة دينية جدلية كتبت في النصف الثاني من القرن الأول. وكان المقصود بها تحذير المؤمنين من المعلمين المضلين الذين ظهروا في الكنيسة في عصر الرسل وكانوا يعتقدون أن الخلاّص بالمعرفة دون الإيمان، وفصلوا الروح عن المادة. وهم ما يعرف بمذهب العارفين "Gnosticism". وقد عكس هؤلاء تعليم النعمة الإلهية المجانية، واتخذوا من ذلك وسيلة للفساد والفجور زاعمين أن الناموس الأبدي يستثني الروحيين. ويبدو أن كاتب هذه الرسالة يكافح على جبهة واحدة مع رسالة يعقوب كما يظهر من يع 3: 15. ويظهر لنا في هذه الرسالة مدى الغيظ الذي حرك قلب كاتبها عند وصفه لخصال هؤلاء المعلمين الكذبة، والعزيمة التي بها ينصح المؤمنين أن يستمروا في محبة الله ويجاهدوا في سبيل الإيمان الحقيقي. وفي هذه الرسالة شاهدان لا نجدهما في موضع آخر من الكتاب المقدس وهما:
1- شجار ميخائيل وابليس بخصوص جسد موسى (ع 9).
2- نبوة اخنوخ بخصوص مجيء الرب (ع 14).
ولعل أجمل شيء في الرسالة هو التمجيد العظيم. وكانت للرسالة ميزتها العظيمة في القرن الثاني عندما اصطدمت الكنيسة بمذهب العارفين الأحرار الذين تسربوا إلى صفوفها. وفقدت من أهميتها بزوال ذلك المذهب الذي حاول أن يتخذ من الحرية المسيحية "فرصة للجسد من أجل الشهوات".
أما فحواها فيمكن تلخيصها هكذا:
تحيات عامة ونصح للمؤمنين أن يحفظوا طهارة الإيمان الذي سلم مرة للقديسين (ع 1-4).
تذكيرهم بدينونة الله للأشرار والمعلمين المضلين الذين يدنسون أجسادهم ويزدرون بالجلال الإلهي (ع 5-19).
حث المؤمنين أن يجتهدوا في بنيان أنفسهم بواسطة فاعلية الروح القدس وأن يشفقوا على الذين هم في خطر لكفر وينقذوهم. وختم الرسالة بتمجيد الله مخلصنا (ع 20-25).