رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يهود يكتشفون أنّ يسوع هو المسيح المنتظر
هي المعروفة باسم تريزا بندكتا للصليب التي أعلنها يوحنا بولس الثاني قديسة في الكنيسة الجامعة يُحتفل بعيدها في التاسع من أغسطس. القديسة تريزا بندكتا للصليب: في حب المسيح… “روح الله هو إدراك وقوة. يعطي النفس حياة جديدة، ويجعلها قادرة على ما تعجز عن فعله بطبيعتها […]”. هناك أنفس على الأرض لا تخدع. نظرة القديسة تريزا بندكتا للصليب العميقة والصادقة تتأمل في الكلمة المتجسد في الحقيقة. خلال خبرتها في الحياة الموفّقة بين الإيمان والعقل، اكتشفت أن كل كائنٍ يتحرك بواسطة قوّة الأزلي. إنها “نفسٌ مولعة بالله وغارقة فيه”، حسبما كتبت لوسي غلبير. لكنها أولاً بالنسبة إلى الكنيسة الجامعة، الشاهدة على قلبٍ منهكٍ بمحبة المسيح المصلوب. كان يا ما كان… إديت شتاين بتاريخ 12 أكتوبر 1891… يوم عيد الغفران، استقبل سيغفريد وأوغوستا شتاين في بريسلاو ابنتهما الصغيرة إديت. نشأت إديت في عائلة يهودية تقية في سيليزيا العليا حيث تركت صورة الأم أثراً مهماً في حياتها، لأن السيد شتاين لفظ أنفاسه الأخيرة بين فرونفالداو وغوشوتز في أحد أيام يوليو 1893 فيما كان يقوم برحلة عملٍ تحت شمس حارقة. آنذاك، كانت إديت في الثانية من عمرها. روت أنها كانت بين ذراعي والدتها خلال هذا الوداع الأخير لوالدها قبل رحلته التي لم يعد منها أبداً. بعد وفاة سيغفريد شتاين، واجهت العائلة بأسرها مشاكل اقتصادية. لكن أوغوستا شتاين، ربة البيت الصالحة، فعلت كل ما يلزم لإصلاح الوضع المالي خلال تربية أولادها السبعة. منذ الطفولة، كانت إديت فتاةً ذكية ورقيقة. عبّرت في سنّ مبكرة جداً عن ظمأ إلى المعرفة. وكان محيطها يتفاجأ بأنها “منهل حكمة” في عمرها اليانع. تتذكر أنها في السنوات الأولى من حياتها “كانت حادة الطبع كثيراً، تتحرك دوماً وتفيض أفكاراً غريبة، ووقحة تتدخل في كل الأمور، وبذلك أظهرت إرادة لا يستطيع شيء هزها، وكانت تغضب عندما كانت إرادتها تواجه عائقاً”. كانت إديت تتحلى بجميع صفات الفتاة العادية: مضحكة، نشيطة وسريعة الغضب… ولكنها كانت تتحلى بثبات حيوي. انجلى ظمأ إديت إلى المعرفة عندما بدأت أختها إيرنا تذهب إلى المدرسة. وبما أن إديت لم تكن تستطيع اتباعها، سُجلت رغماً عنها في روضة أطفال. هذا القرار سبب لها التعاسة لأنها اعتبرته دون “كرامتها” ورأت أن المدرسة لوحدها ستقدّم لذهنها المتقد “غذاءً قوياً”. سنة 1896، دخلت إديت بمساعدة أختها الكبرى إيلس، إلى “المدرسة الكبرى” في فكتوريا حيث تفوقت وكانت مادتاها المفضلتان الألمانية والتاريخ. سنة 1911، دخلت إلى جامعة بريسلاو. وكانت تحب التاريخ والأدب والفلسفة… كما اهتمت خلال فترة معينة بـ “علم النفس التجريبي”. لكنها رأت أن هذه المادة “مضجرة” و”سخيفة” جداً لأن علم النفس كان لا يزال في بداياته. لذلك، توجهت نحو التيار الفلسفي لدراسة الظواهر… إديت و”معرفة الغير” الشاملة اكتشفت إديت دراسة الظواهر بواسطة أحد أصدقائها. وسنة 1913، ذهبت إلى غوتينغن لتلقي التنشئة لدى من كانت تدعوه “المعلّم” أي إدموند هوسيرل (1859-1938). هذا التيار الفلسفي يهتم بدراسة الظواهر من خلال التجربة التي تعاش. وقد أدى ثلاثة فلاسفة دوراً رئيسياً في صوغ فكرها وهم إدموند هوسيرل، ماكس شيلير (1874-1928) وأدولف ريناخ (1883-1917). كانت تريد أن تدرس الغوص في قلب الظواهر واختبار الحياة الشخصية. فاختارت “معرفة الغير” موضوعاً لأطروحتها. فإن معرفة الغير كانت بالنسبة لها القدرة على فهم قيمٍ ناشئة عن اختبارات عاشها الآخرون وترجمتها في وحدةٍ معنىً مفهوم للذات. وعلى الرغم من أن إديت عملت على هذه الأطروحة وحصلت فيها على درجة عالية، إلا أنها كانت تجربة صعبة لأنها كانت تكتبها عند اندلاع الحرب العالمية. سنة 1914، عندما رأت إديت جميع أصدقائها يتطوعون، شاركت في هذه الحرب وأصبحت ممرضة متطوعة في الصليب الأحمر. أُرسلت إلى مستشفى عسكري في ماهريش- ويسكيرشن. وكانت تواجه يومياً احتضار الجرحى. كانت هذه الأجواء قاسية وصعبة ومليئة بالتوتر… هذه التجربة ترويها إديت كممرضة بانفعالات كثيرة في كتاب “حياة عائلة يهودية”: “كنتُ أقوم بالخدمة طوال ليالٍ عندما استقبلتني الممرضات مساء أحد الأيام لدى وصولي إلى الخدمة بخبر إدخال مُحتضرٍ؛ أدخلنه لكي أسهر عليه في الليل. وطلبن مني إعطاءه حقنة كل ساعة. طوال عدة ليالٍ، كنتُ أرعى بصعوبة شديدة وميض الحياة فيه حتى الصباح […] كنت أراقب من مكاني نَفَسَه – وفجأة توقف. ذهبتُ إلى سريره: لم يعد قلبه يخفق”. إلى واقع الحرب القاسي، أضيف موت أدولف ريناخ في نوفمبر 1917. خلال الصراع، اكتشف أدولف ريناخ الله. وبفضل هذا الاكتشاف، ترجم بكلمات فلسفية تجربته مع هذا الكائن الذي يسبر أرواحنا بعمق في كل لحظة. بفضل هذا الجانب، تأثرت إديت بشخصية أدولف ريناخ. على درب الحقيقة! في صيف إحدى السنوات، كانت إديت في فرنكفورت برفقة بولين ريناخ، أخت أدولف، وواجهت للمرة الأولى وضعاً خاصاً جداً لأنها رأت امرأة كاثوليكية وهي تصلي. تتذكر: “دخلنا لبضع دقائق إلى الكاتدرائية، وفيما كنا نقف هناك بصمتٍ مفعمٍ بالاحترام، دخلت امرأة حاملةً سلّة المشتريات وركعت على مقعد لتلاوة صلاة وجيزة[…] أتى شخصٌ وسط انشغالاته اليومية إلى الكنيسة الخالية، كما لو أنه قادم إلى لقاءٍ حميم. لم أستطع أبداً نسيان ذلك”. فحاولت إديت كعالِمة ظواهر ممتازة أن تحلل هذا الوضع بواسطة معرفة الغير. فوصفت الصلاة كـ “لقاء حميم”… سنة 1921، أسهمت قراءة في قلب مجرى حياتها: القديسة تريزا الأفيلية. في الأسطر العظيمة من كتاب الحياة لهذه القديسة التي عاشت في القرن الذهبي الإسباني، رأت إديت شهادة حقيقية وصادقة، شهادة قلبٍ منهكٍ بحضور الله. وعندما انتهت إديت من قراءة هذه الجوهرة الروحية، هتفت قائلة: “هذه هي الحقيقة!”. وفي الأول من يناير 1922، نالت إديت المعمودية في كنيسة بيغزابيرن الصغيرة على يد الأب بريتلينغ متخذة اسم تريز هيدفيغ تكريماً للقديسة تريزا الأفيلية وعرابتها هيدفيغ كونراد- مارتيوس. في اليوم التالي، نالت التثبيت على يد المونسنيور لودفيغ سيباستيان، أسقف سبير. منذ ذلك الحين، عبرت عن رغبة في الدخول إلى رهبنة الكرمل. لكن أباها الروحي في تلك الفترة، الأب شفيند، نصحها بأن تُعلّم في المدرسة الداخلية للراهبات الدومينيكيات في سبير. هذا الدير كان قديماً وكبيراً وكانت منقوشة على لوحة واجهته كلمة مهمة جداً بالنسبة إلى إديت: الحقيقة… تأثرت إديت أيضاً بقديسين آخرين في حياتها الفكرية والروحية منهم القديسة إليزابيث المجرية، القديس يوحنا للصليب، القديسة تريزا الطفل يسوع والوجه المقدس… والقديس توما الأكويني الذي كانت قراءاته مرحلة حاسمة أخرى في حياتها. فالقديس توما الأكويني هو أولاً شخصية فلسفية بارزة يؤمن بالكائن الإلهي وبمحبته. ومن خلال مساره الفكري، وعدم بحثه إلا عن الحقيقة، لم يرغب إلا في شيء واحد هو خدمة الله. هكذا، كانت إديت تنوي القيام بأعمالها الفلسفية. لكن ظهور النازية حرمها من التعليم بسبب أصولها اليهودية، فقبلت التدبير الإلهي لها. وإذا كانت هذه مشيئة الله، فقد آن الأوان لتحقق حلمها ودخول الكرمل! سري هو مُلكي يوم عيد القديسة تريزا الأفيلية في 15 أكتوبر 1933، اجتازت إديت عتبة الكرمل… لأنها في الكرمل وجدت إله المحبة الذي كانت تريد بذل نفسها له كلياً. في أبريل 1934، لبست الثوب الرهباني وأصبحت الأخت تريزا بندكتا للصليب. وبعد أربع سنوات، في أبريل 1938، نذرت نذورها الأبدية. بين جدران ديرها، في الصمت والتأمل، ألفت إحدى روائعها الفلسفية “الكائن المتناهي والكائن الأزلي”. وعلى خطى القديس يوحنا للصليب، تابعت بحثها عن الكلي القدرة حافظةً سر آلام ربنا. وسعت من خلال مؤلفاتها إلى فهم وحدة الكائن للقديس يوحنا للصليب. بقلمها، يُعتبر عِلم الصليب عِلم الحب لأن الروح بواسطة الصليب تتوصل إلى التحول في الله. في ملء الكرمل، اختبرت كوناً لا يدركه كل منطق فهم. سرها هو: “أحبب الرب إلهك من كل قلبك وروحك وقواك”. كان اكتشاف الكائن الأزلي بالنسبة إلى الأخت بندكتا نتيجة بحثٍ فكري ووجودي وروحي. ونظراً إلى هيمنة النازية المعادية بخاصة لليهود، وجدت الأخت بندكتا نفسها مُجبرةً على مغادرة ألمانيا والتوجّه إلى دير إخت في هولندا. هناك، كتبت وثيقة عبرت فيها عن رغبتها في “تقديم ذاتها إلى قلب يسوع ككفّارة من أجل السلام الحقيقي”. لم تنكر أصولها اليهودية، وكانت تعتبر نفسها ابنة إسرائيل وابنة الكنيسة الكاثوليكية. لكن عناصر الغستابو أتوا إلى ديرها لاعتقالها وأختها روزا التي كانت قد اهتدت وأصبحت عضواً في الرهبنة الثالثة الكرملية. بشجاعةٍ وإيمان ثابت، عزّت بندكتا أختها روزا، هامسةً في أذنها: “تعالي، سنذهب من أجل شعبنا!”. هكذا، نُقلتا إلى أوشفيتز ووصلتا إليها في 9 أغسطس 1942 مسلمتين حياتهما بين يدي الأزلي… في “حياة عائلة يهودية”، كتبت: “كنت أحلم بالسعادة والمجد لأنني كنت مقتنعة بأنني مُعدّة لأمر عظيم”. الشجاعة التي كانت تتحلى بها للوقوف في ظلمات هذا العالم، فقط لمجد الله، هي شهادة لا تُقدّر للكنيسة. وقد حمل القديس يوحنا بولس الثاني مصير هذه المرأة إلى مصاف العظماء بإعلانها قديسة في الكنيسة الجامعة والاعتراف بها كشهيدة. بدوره، يرى بندكتس السادس عشر في هذه الشخصية شاهدةً على الحقيقة ويعتبرها “نوراً في ليل ظلمات”. أيتها القديسة تريزا! أنتِ المباركة بسر الصليب، تكرمي بالتشفع لنا عند المسيح لكي يرشدنا كما أرشدكِ على درب الحقيقة بحكمة… |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
في النهاية يكتشفون يسوع هو المسيح |
علِم تلاميذ يُوحنَّا المَعمَدان أنَّ المسيح المنتظر هو يسوع المسيح |
يسوع هو المسيح المنتظر |
يسوع هو المسيح الملك المنتظر |
يسوع ليس فقط نبي بل هو المسيح المنتظر |