الرجل الذي رأى الزمن يتوقف
لكن المشاعر السلبية مثل الخوف أو القلق ليست المبرر الوحيد لتباطؤ عجلة الزمن، أحياناً يكون التباطؤ دليلاً على أن الدماغ ليس على ما يرام. نحكي هنا قصة رجل في التاسعة والثلاثين من العمر، يدق الصداع أبواب جمجمته بلا انقطاع لأيام عديدة. قرر اللجوء إلى حمام ساخن أملاً في أن تعمل زخات المياه على تدليك فروة دماغه النابض بالألم. بعد مرور 10 دقائق تقريباً، نظر إلى أعلى ليرى مشهدا لن يغيب عن ذاكرته ما دام حياً.
لقد تباطأ الزمن بالتأكيد، أو هكذا بدا إليه الأمر. فقد كان بإمكانه أن يتبين القطرات المتدفقة من رأس الدُش، بدت كما لو أنها مٌعلقة في الجو! كان المشهد غريباً للغاية، فهو الآن يرى كل قطرة مياه بوضوح، وهو تيار المياه ذاته الذي كان يراه سيلاً مبهم المعالم في الظروف العادية. “كان التأثير مشابهاً كثيراً لتوقف الرصاصات المُنطلقة في اتجاه “نيو” في أفلام المصفوفة Matrix” بحسب قوله!
في اليوم التالي، أجرى له الأطباء تصويراً مقطعياً، وتبين أن لديه نزيف بالنصف الكروي الأيمن للدماغ. ما حدث لهذا الرُجل يُدعى “ظاهرة زايترافر Zeitraffer phenomenon” والتي توصف بتغير في إدراك الشخص لسرعة الأجسام المتحركة. ظاهرة زايترافر غالباً تكون مرتبطة بإصابة في الدماغ كجلطة مثلاً. ولكن كيف أثرت تلك الإصابة على دماغ صاحبنا فظن نفسه “المختار” الذي سيتغلب على عملاء “المصفوفة Matrix”؟!
حاولت عديد من الأبحاث تحديد المنطقة المسؤولة في الدماغ عن إدراك سرعة الأجسام، وتدور شكوكهم حول منطقة تُدعى V5 بالقشرة المخية البصرية. وصف مريض آخر مصاب بجلطة في تلك المنطقة، رؤيته لحركة المشهد حوله كإطارات ثابتة يظهر الواحد تلو الآخر ببطء كما لو كان يعيش بداخل فيلم سيء الجودة، بينما يصف مريض آخر رؤية المشهد من حوله متقطعاً، تبدو الأجسام كما لو أنها تقفز من موضع لآخر دون حركة انتقالية فيما بينهما!