سمعت من البعض أن الشيطان يمكن أن يخلص ! و أن بعض الآباء قد نادوا بهذا الرأى 0 فهل هذا صحيح ؟
لا يمكن أن يخلص الشيطان 0 و هناك نصوص صريحة فى الكتاب
المقدس تؤيد هذا ، لعل من أبرزها ما ورد فى سفر الرؤيا :
" 00 و إبليس الذى كان يضلهم ، طرح فى بحيرة النار و الكبريت ، حيث الوحش و النبى الكذاب 0 و سيعذبون نهاراً و ليلاً إلى أبد الآبدين " ( رؤ 20 : 10 ) 0
ما دام النص واضحاً هكذا بهلاك الشيطان إلى أبد الآبدين فى البحيرة المتقدة بالنار و الكبريت فإن أية مناداة بخلاص الشيطان ، تكون بدعة ضد تعليم الإنجيل 0 و ينطبق عليها قول القديس بولس الرسول :
" إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء ، بغير ما بشرناكم به ، فليكن أناثيما " ( غل 1 : 8 - 9 ) 0
أما عن أقوال الآباء فى هذا الشأن ، فلا يعقل أن أباً سليم الإيمان ينادى بتعليم ضد الكتاب 0 و مع ذلك نقول أنه من التهم الإيمانية التى وجهت إلى العلامة أوريجانوس أنه قال بخلاص الشيطان 0 و قد حاول أحباء أوريجانوس الدفاع عنه فى هذه النقطة ، بإيراد مقتبسات من كلامه ضد هذه البدعة 0
و لزيادة الشرح نقول إن الشيطان مقاوم لله و ملكوته 0
منذ البدء ، و الآن ، و فى مستقبل الأيام أيضاً 00 فهو من بدء سقوطه ، أضل مجموعة من الملائكة و أسقطها معه ، ثم وأضل أبوينا الأولين ، و أضل البشرية كلها حتى قيل " ليس من يعمل صلاحاً ، ليس و لا واحد " ( مز 14 : 3 ) 0 و يكفى أنه تجرأ على السيد المسيح نفسه ، وطلب منه أن يسجد له ( مت 4 : 9 ) 0 و من مقاومته صرخ أحد قائلاً " لينتهرك الرب يا شيطان 0 لينتهرك الرب " ( زك 3 : 2 ، يه 9 ) 0
وحتى بعد تقييد الشيطان الف سنة ، و لم يستفد ، و لم يغير مسلكه ، بل استمر فى شره 00
يقول القديس يوحنا الحبيب فى سفر الرؤيا " ورأيت ملاكاً نازلاً من السماء و سلسلة عظيمة على يده 0 فقبض على التنين ، الحية القديمة الذى هو إبليس و الشيطان ، و قيده الف سنة ، و طرحه فى الهاوية " ( رؤ 21 : 1 -3 )
وبعد ذلك ، لما سمح الله أن يحل الشيطان من سجنه ، خرج ليضل الأمم ( رؤ 21 : 7 - 8 ) 0
وبكل عنف ، سيحاول الشيطان فى الأيام الأخيرة أن يعمل على إبادة ملكوت الله ، لولا تدخل الله 00
و فى ذلك يقول السيد المسيح عن نهاية الأيام " ولو لم تقتصر تلك الأيام ، لم يخلص جسد 0 و لكن لأجل المختارين تقصر تلك الأيام " ( مت 24 : 22 ) 0 " لأنه سيقوم مسحاء كذبة و أنبياء كذبة ، و يعطون آيات عظيمة و عجائب ، حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضاً " ( مت 24 : 24 ) 0
و العجائب التى تحدث من المضلين ، هى بفعل الشيطان 0
و لذلك يقول القديس بولس عن المقاوم ابن الهلاك ، المرتفع على ما يدعى إلهاً ، الذى سيكون سبباً قوياً فى الإرتداد العام الأخير : " الذى مجيئه بعمل الشيطان ، بكل قوة و بآيات و عجائب كاذبة ، و بكل خديعة الإثم فى الهالكين " ( 2تس 2 : 9 ) 0
و لكن الله سيرسل رئيس الملائكة ميخائيل ، ليحارب الشيطان مع كل ملائكته الأشرار و يقهرهم 0
و فى ذلك يقول القديس يوحنا الرائى " و حدثت حرب فى السماء : ميخائيل و ملائكته حاربوا التنين 0 و حارب التنين و ملائكته ، و لم يقووا فلم يوجد مكانهم بعد فى السماء 0
فطرح التنين العظيم ، الحية القديمة ، المدعو إبليس و الشيطان ، الذى كان يضل العلام كله
طرح إلى الأرض ، و طرحت معه ملائكته 0 و سمعت صوتاً عظيماً قائلاً فى السماء : الآن
صار خلاص إلهنا و قدرته و ملكه و سلطان مسيحه 0 لأنه قد طرح المشتكى على إخوتنا ، الذين كان يشتكى عليهم أمام إلهنا نهاراً و ليلاً " ( رؤ 12 : 7 - 10 )
هذه هى الأيقونه المشهورة ، التى تصور رئيس الملائكة ميخائيل يدوس الشيطان ، وسيف العدل فى يده 0
على أن الشيطان بعد هزيمته هذه ، ظل يحارب ( رؤ 12 : 13 ) ، إلى أن ألقاه الرب فى البحيرة المتقدة بالنار و الكبريت ، حيث يمكث فى العذاب مع أعوانه إلى أبد الآبدين ( رؤ 20 : 10 ) و مما يثبت هلاك الشيطان أيضاً و عدم إمكانية خلاصه ، قول السيد المسيح للذين على اليسار فى يوم الدين :
إذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس و ملائكته ( مت 25 : 41 )
إن كان الله قد أعد لإبليس و ملائكته هذه النار الأبدية ، فكيف يخلص إذن ؟! و نلاحظ فى كل النصوص السابقة : هلاك الشيطان ، عذابه ، أبدية هذا الهلاك 0
و الشياطين بلا شك يعرفون مصيرهم هذا 0
لذلك قال عنهم القديس يعقوب الرسول إنهم يقشعرون ( يع 2 : 19 ) 0
و الشياطين التى أخرجها الرب من كورة الجرجسيين ، صاحوا قائلين " مالنا ولك يا يسوع ابن الله 0 أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذبنا ؟ " ( مت 8 : 29 ) 0 و هذا يظهر أنهم واثقون من عذابهم 0 إنما أزعجهم أن يكون ذلك " قبل الوقت " 0
و عذاب الشياطين أمر لا يختلف فيه دين من الأديان 0
إنه بديهية فى التعليم الدينى تؤيدها نصوص الكتاب 0 و لو كان ممكناً على فرض المستحيل أن يخلص الشيطان ، لوجد فى الكتاب ، و لو عبارة واحدة ، و لو إشارة من بعيد 00 إلى هذه الحدث العجيب !
و لو خلص الشيطان ، ما كان ممكناً هلاك أحد آخر 0
لأنه لم يحدث أن أحد فعل من الشرور ما فعله الشيطان 0 و عدم هلاك أحد على الإطلاق ، هو تعليم ضد ما تقوله الكتاب 0