منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 22 - 10 - 2018, 02:48 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

عطش الإنسان إلى المطلق

عطش الإنسان إلى المطلق



الإنسان – بطبيعة تكوينه الأساسي من جهة الخلق – عنده قناعة داخلية بالله مُثبته بيقين في أعماقه، لا بحسب المنطق العقلي، ولكن بالحس الباطني، وهذا الحس دفين في أعماق الإنسان من الداخل، وهذا واضح من سفر التكوين حينما تكلم عن خلق الإنسان على صورة الله ومثاله، فأثر ملامح الصورة الإلهية يظهر محفوراً عميقاً في أعماق القلب البشري بالرغم من التشويش الحادث بسبب الخطية والسقوط وخبرة حياة الشرّ التي عاشها، ويتجلى الله ويظهر في عطش الإنسان الداخلي واشتياقه لحياة أفضل مما يعيشها على الأرض، لأن ميله الطبيعي الذي يحركه نحو خالقه هو رغبته بأن يؤمن بما هوَّ أعظم لأن اشتياقه الدائم وحنينه هو للحياة الأبدية، لذلك يقول المرنم: عطشت نفسي إلى الله، إلى الإله الحي، متى أجئ وأتراءى قُدام الله؛ يا الله إلهي أنت، إليك أُبكر، عطشت إليك نفسي، يشتاق إليك جسدي في أرض ناشفة ويابسة بلاماء. (مزمور 42: 2؛ 63: 1)
فالإنسان – مهما من كان هوَّ – يعيش غير راضي أو قانع بحياته،


لأنه لا يراها الحياة التي يتمنى أن يعيشها، أو أن هذه هيَّ طبيعة حياته المنحصرة في الحياة حسب الجسد، نأكل ونشرب لأن غداً نموت. لأنه دائماً يميل إلى تغيير حياته للأفضل والأحسن، بل وحتى أن وصل لما يتمناه ويحلم به في هذا العالم، يظل غير قانع، بل يطلب ويسعى جاهداً إلى ما هوَّ أفضل وأعلى، فهوَّ لا يتوقف ولا يشبع أو يقنع أبداً ويشعر أن هناك شيء عظيم ينقصه!!
الإنسان يُعرَّف عند علماء النفس بأنه "حيوان قلق" وهذه الميزة يختلف بها عن سائر الكائنات الحية.


فللحيوان رغبات غريزية محدودة، سهلة الإرضاء جداً، لذلك ليست في حياته مشاكل، أما الإنسان فكلما حاول إشباع رغباته اشتدت وقويت فيه هذه الرغبات بشكل غريب مُتصاعد، وكأن هناك شيئاً في أعماق كيانه يحركه ويُعذبه، بل ويدفعه دون هوادة نحو ما يجهله ولا يعرف ما هوَّ على وجه التحديد!
ففي الإنسان صراع داخلي لا يهدأ أبداً،


ما بين رغباته وبين ما يملكه، وبين إرادته وقدرته، بين ما يُريد أن يكونه وبما هوَّ عليه الآن، وبين ما في داخله وما في خارجه، فكلما حاول أن يقترب مما يرغبه أو ما يُريده ويحقق حلمه، كلما أبتعد ما يُريده عنه موقظاً في نفسه الخيبة والحسرة والحزن. وهذا ما يبدو في الخبرة اليومية وفي كل المجالات؛ فمثلاً:
(1) الإنسان الذي يسعى إلى المال
أو مركز اجتماعي أو مجدٍ ما، لا يكتفي بما حصل عليه. بل كلما بلغ مقصده، طمع في المزيد جوعاً، لذلك لا يعرف قلبه راحة أو استقرار (فعين الإنسان لا تشبع) كما يقول المثل السائد.

(2) والإنسان الذي يسعى إلى الجمال.
فأمام منظر طبيعي بديع أو قطعة أدبية رائعة أو قصة جميله، أو لوحة فنية، أو قطعة موسيقية ساحرة، يشعر الإنسان، إلى جانب نشوة وابتهاج قلبه بها، بشيء من الحزن الشديد والشجن، ويزداد هذا الحزن بنسبة ما يكون جمال هذا المنظر أو قوة الإنتاج الفني.

فكيف يُفسرّ هذا الحزن؟ في الحقيقة أن ذلك الجمال الذي أدركناه أيقظ فينا حنيناً وشوقاً عميقاً لا قدرة لنا على إشباعه أو إطفائه، ومن هُنا نشأ الألم والحزن، وكم من الأدباء والشعراء والفنانين، اعترفوا بالمرارة والألم اللذان شعرا بها عندما كانوا يبدعون تحفة فنية أو مقطوعة موسيقية، أو قصة رائعة، أو قطعة شعرية.. الخ.
(3) خبرة الحب:
فالحب، كما هوَّ معروف، ينتظر منه الإنسان سعادة مطلقة، دائمة، وبخاصة إذا كان هذا الإنسان رومانسي بطبعه، ولكن يجد هذا الإنسان – بعد قصة حب قوية وبعد أحلام رومانسية استمرت طويلاً – أنه أُصيب بخيبة أمل في حبه، فالمحبوب، مهما سمت صفاته، بشر وليس إلهاً، لذا لا يمكنه أن يقدم لمحبوبة السعادة الفردوسية الكاملة التي يحلم بها.

فتصور الإنسان عن الحب الحقيقي هو أنه يسعى إلى شركة بين الحبيبين شركة كاملة، شركة تامة عميقة وخالدة، ولكنه يصطدم بالواقع العملي، واقع السأم الذي تولده العادة، أو الأنانية التي يسعى فيها المحب أو المحبوب لإرضاء نفسه دون الآخر، وتحقيق رغباته دون الآخر، وبذلك ينهار معنى الحب والزواج في عينيه، وذلك مثل من يسير غارقاً في أفكاره الحالمة وتصطدم قدميه بحجر يؤلمه بشده ويجعله ينسى أفكاره كلها بسبب الألم الشديد الذي أصابه.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
سلطان المسيح المطلق
أنت المطلق فى كل شئ
تجنب الصدق المطلق
الملك المطلق
حياة العمل - عطش الإنسان إلى المطلق


الساعة الآن 07:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024