رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
أنت يا أخي سائر في طريق الحياة وأود أن أناقش معك خطة لمسيرتك هذه . ولعل أول سؤال يقابلنا هو : ما هي أسباب نجاح الكثيرين ؟ والإجابة هي أن مقومات النجاح كثيرة . وفي مقدمتها أن الذين نجحوا في حياتهم ، كانت لهم أهداف قوية وضعوها أمامهم ، واستخدموا كل إمكانياتهم لتحقيقها . ومحبة الهدف والرغبة في تحقيقه منحهم حماساً وقوة ونشاطاً وروحاً . كما منحهم الهدف تركيزاً في حياتهم وتنضيماً لها . أصبحت كل إمكانياتهم وطاقتهم : وكذلك كل أعمالهم سائرة في الطريق هذا الهدف في اتجاه واحد بلا انحراف . والهدف جعل لحياتهم قيمة . إذ شعروا بأن هناك شيئاً يعيشون من أجله . فأصبحت حياتهم لها لذة .. حياة هادفة لها قيمتها . وكل دقيقة من دقائق حياتهم صار لها ثمن . وكلما كان الهدف في حياة سامياً عالياً ، تكون قيمة الحياة أعظم ، وتكون الحمية في القب ناراً متقدة لتحقيقه . أما الذي يعيش بلا هدف ... فإن حياته تكون مملة وثقيلة عليه ... حياة لا معنى لها ولا طعم ، ولا اتجاه ولا ثبات . ويكون مقلقلاً في كل طرقه . وغالباً ما ينتابه الملل والضجر في أحيان كثيرة بأن حياته رخيصة ، وضائعة وتافهة ، يبحث فيها عن وسائل لقتل الوقت ! لأن الوقت لم تعد له قيمة ولا رسالة ... وكثيراً ما يتساءل هؤلاء : لماذا نحيا ؟ لماذا خلقنا الله ؟ ما معنى الحياة ؟ وما هو غرضها وهدفها ؟ إنهم مساكين . يعيشون ولا يعرفون لماذا يعيشون ! تجرفهم دوامة الحياة دون أن يشعروا . وإن شعروا : يسألون ... إلى أين ؟ أما إن وجدوا لحياتهم هدفاً ، فإن كل هذه الأسئلة تبطل ... هنا ونود أن نبحث أهداف الناس التى تحركهم في الحياة . لأنه ، حسبما يكون الهدف ، هكذا تتحد الوسيلة التى تقود إليه ... البعض هدفه المال ، أو الوظيفة ، أو اللقب ، أو السلطة : أو السيطرة أو النجاح في العمل . والبعض شهوته اللذة ، سواء كانت لذة الحواس أو لذة الأكل والشرب ، أو لذة الجسد ، أو لذة الراحة . والبعض هدفه الزواج والاستقرار في بيت ، أو النجاح في الدراسة . ولا نستطيع أن نسمى كل هذه أهدافاً . إنما هي رغبات وشهوات . وإن حسبت أهدافاً ، تكون مجرد أهداف عارضة ، أو مؤقتة ، أو زائلة أو سطحية لا عمق لها . كما أنها محددة بزمن . وكلها تدخل تحت قول الرب لمرثا " أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة ، والحاجة إلى واحد " ( لو10 : 41 ) . الهدف الوحيد هو الله الإنسان الروحي هدفه الله وحده لا غيره . كل هدفه هو أن يسعى إلى الله ، ويعرفه ويحبه ويعاشره ويثبت فيه . ويكون علاقة معه ، يسكن الله في قلبه ويسكن هو في قلب الله . ويقول لله في حب : " معك لا أريد شيئاً على الأرض " ( مز73 : 25 ) . وهكذا بالتصاقة بالله يمكنه أن يستغنى عن كل شئ فمحبة الله تقود إلى التجرد وإلى الزهد وكلما يختبر الله ويذوق حلاوة العشرة معه بأن كل شئ في الدنيا باطل وقبض الريح ( جا2 : 11 ) ـ وكما يقول المثل ـ النفس الشبعانه تدوس العسل ( أم27 : 7 ) . هكذا النفس الشبعانة بالله تدوس كل شهوات الأرض التعديل الأخير تم بواسطة Georyan ; 07 - 10 - 2018 الساعة 01:39 PM |
07 - 10 - 2018, 01:34 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
نشط جداً | الفرح المسيحى
|
رد: معالم الطريق الروحي للبابا شنودة الثالث
اهداف زائفة ولكن الشيطان لا يعجبه هذا إنه يجول في الأرض يوزع أهدافاً . ويبذر ويزرع أغراضاً وآمالاً ورغبات وكل ذلك بغية أن يتوه الإنسان عن هدفه الروحي الوحيد الذي هو الالتصاق بالله ، والاستعداد للأبدية . وبالأهداف العالمية التي يوزعها الشيطان : يتلظى أهل العالم في جحيم من الرغبات ، لا يمكن أن تشبعهم إذ أن في داخل حنيناً إلى غير المحدود . وكل ما في العالم محدود ... أول هدف يقدمه الشيطان هو بالذات ... فتصير الذات صنماً يعبده الإنسان وتصير ذاته هي محور ومركز كل تفكيره يريد أن يبنى هذه الذات ، ويكبرها ويبنيها ، ويجعلها موضع رضي الكل ومديحهم . وينشغل بذاته بحي يهمل كل شئ في سبيلها ، حتى علاقته بالله . هكذا تصير الذات منافساً لله ... تدخل أولاً إلى جوار الله في القلب ثم تتدرج حتى تملك القلب كله ، وتبقي وحدها فيه ، فيتحول الإنسان إلى عبادة الذات ويظل كل يوم يفكر : ماذا أكون ؟ ومتى أكون ؟ وكيف أكون ؟ وكيف أتطور إلى أكبر وأعظم ... ؟ ويا ليته بذاته اهتماما روحياً ... إذن لكان يبذل من أجل الله ومن أجل الآخرين ، ويحيا من أجل الآخرين ، ويحيا حياة المحبة التى تضحي ، وتبذل نفسها فدية عن الآخرين . وحينئذ يجد ذاته ، أعنى الوجود الحقيقي يجدها في القاسة وفي البر والكمال ، في الله نفسه ... إن بولس الرسول ، من أجل الحياة مع الله قال " ولا نفسي ثمينة عندي " ( أع20 : 24 ) . أما الذي يهتم بذاته بربطها بشهوات العالم فإنه بالتالي : يجعل شهوات العالم هدفاً له . وهكذا يضع أمامه بريق العالم الحاضر وأمجاده ، وملاذه ولهوه ، وأحلامه وأمانيه ، وينشغل بكل هذا حتى ما يتفرغ لأبديته . ويبقى مخدراً بشهوات الدنيا ، ما يضيق منها إلا ساعات الموت ، حينما يتركها كارهاً ...! أما أنت ، فلا يكن لك هذا الفكر ولا هذا الاتجاه ، وإنما : كل هدف يبعدك عن الله وعن خلاص نفسك اعتبره خدعه من الشيطان وارفضه في حزم ... وكذلك أرفض كل وسيلة تبعدك عن هدفك الروحي . ولا تسمح مطلقاً بأن تكون ذاتك منافساً لله في قلبك ، ولا تسمح بأن يصير العالم هدفاً . فإن الكتاب يقول إن " العالم يبيد وشهوته معه " ( 1يو2 : 17 ) . ويقول أيضاً إن محبة العالم عداوة لله ( يع4 : 4 ) . إذن راجع منذ الآن كل أهدافك وكل وسائلك ، في ضوء اهتمامك بأبديته : وفي ضوء هدفك الروحي الذي هو محبة الله . إن كل هدف ضد ملكوت الله هو انحراف عن الخط الروحي . وكل شئ يصطدم بمحبة الله في قلبك ، اتركه مهما تكن قيمته . كما قال القديس بطرس للرب " تركنا كل شئ وتبعناك " ( متى19 : 27 ) . إن يوسف الصديق خسر حريته حينما بيع كعبد وخسر سمعته حينما ألفي في السجن ، وخسر أبوية وأخوته ووطنه حينما عاش في بلد غريب ... ولكن كان يكفيه وقتذاك ، الله وحده . كان هو هدفه . الذي هدفه هو الله لا يتأذى إن خسر أي شئ عالمي . إبراهيم أبو الآباء كان الله هو هدفه لذلك سهل عليه أن يترك أهله وعشيرته ووطنه ( تك12 : 1 ) ويتغرب وهو لا يعلم إلى أين يذهب ( عب11 : 8 ) بل سهل عليه أن يأخذ أبنه ليقدمه محرقة للرب ... وبولس الرسول سهل عليه أن يترك المركز السلطة والصلة بالقادة ، إذ لم يكن شئ من هذا هو هدفه ... واستطاع أن يقول " خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية ، لكي أربح المسيح " ( في3 : 8 ) . وهذا هو هدفه الذي من أجله خسر كل شئ ، دون أن يحزن . ودانيال النبى : لم يأبه بالقصر الملكي ، ولا بالوظائف ، ولا بكل أطايب الملك ، ولم يأبه حتى بحياته إذ ألقى في جب الأسود ، إذ كان له هدف واحد تضائل أمامه كل شئ ... إن الذي هدفه هو الله لا يجعل حتى الأمور الروحية هدفاً له ! البعض قد يجعل الصلاة هدفاً له ، فيصلى ليس من أجل محبته لله ، وإنما لكي يكون رجل صلاة ! ويتهم بالدراسة اللاهوتية كهدف ، لا لكي يعرف الله فيثبت فيه ، إنما لكي يصير من علماء اللاهوت ، يعطية العلم شهرة ومكانه وعظمة ! وهكذا ، أيضاً ، قد يتحول الصوم إلى هدف ، ويتحول كل عمل روحي إلى هدف ، يعمل الإنسان لكي يرضي عن نفسه ، أو لكي يرضى الناس عنه !! بينما كل هذه وسائط وليست أهدافاً ، فالهدف هو الله . الصلاة والصوم والمعرفة : وكذلك التأمل والقراءة ، كل هذه هي مجرد وسائل توصلك إلى هدفك الوحيد الذي هو الله ومحبته . والارتباط به . فإن جعلتها هدفاً تكون قد قصدتها لذاتها ... وقد تتقدم فيها ، وتكون بعيداً عن الله الذي قال " هذا الشعب يكرمني بشفتيه . أما قلبه فمبتعد عني بعيداً " ( متى15 : 8 ) . وقد تصبح الرهبنة والتكريس هدفاً ! ولكن الرهبنة هي مجرد وسيلة توصل إلى الله . ولذلك عرفوها بأنها ـ الانحلال من الكل للارتباط بالواحد ـ فإن تحولت إلى هدف ، تحولت الوحدة إلى هدف ، والصمت إلى هدف فما أسهل أن تكسر وصايا الله من أجلها ! فيتخاصم الراهب مع الدير من أجل حياة الوحدة . يعيش كمتوحد دون أن تكون له فضائل الوحدة ، دون أن ينمو في محبة الله . وفي هذا قال مار اسحق " هناك من يجلس خمسين سنة في القلاية ، وهو لا يعرف طريقة الجلوس في القلاية " . والبعض قد يجعل الإصلاح هدفاً ... وبسبب الإصلاح يثور ويتخاصم : ويدين الآخرين ويشهر بهم ، ويفقد محبته للناس ، ويفقد هدوءه وسلامة ويشتم ويسب ، ويتحد ويصخب ، ويتحول إلى قنبلة متفجرة تقذف شظاياه في كل مكان . وفي كل ذلك تبحث عن علاقته بالله ، فلا تجدها . لقد أصبح ـ إصلاحاً ـ بدون الله وبدون محبة وصارت غيره بلا تدين ! وهكذا أيضاً في الخدمة : كثيرون بدأوا بالخدمة .. وأنتهوا بأنفسهم ! بدأوا بالسعي إلى مجد الله ، وانتهوا بمجد أنفسهم ! بدأوا الخدمة وهدفهم هو الله . ثم وضعوا الخدمة إلى جوار الله : وأحياناً قبله . ثم تركزوا في الخدمة وصارت لهم هدفاً ونسوا الله . ثم بحثوا عن نجاح الخدمة . ثم صار نجاح الخدمة هو نجاحهم الشخصي . وانتهوا إلى الذات وإذ وصلوا إلى هذا ، تحولت الخدمة إلى مجال للسيطرة والظهور ، وأصبحت مجرد نشاط واستخدام للطاقة وربما أصبحت وسائلها بعيدة عن الله تماماً ، فيها الذكاء والحيلة والدهاء . وضاع الهدف الروحي الذي هو الله ! أما أنت ففي كل عمل روحي ، قل مع داود النبي : جعلت الرب أمامي في كل حين : وليكن الله هو هدفك الوحيد . أنت من أجله تخدم . وإذا تعارضت الخدمة مع الله ، اتركها . لأنه ما أسهل على الشيطان أن يتيهك حتى في داخل الكنيسة . وتذكر إن الإبن الضال الكبير ابتعد عن محبة أبيه وهو في صميم الخدمة " يخدمه سنين هذا عددها " ( لو15 : 25 ـ 32 ) . لذلك كله فإن الله يسألك أين أنا في وسط أهدافك ؟ أجب عن هذا السؤال بصراحة كاملة : هل الله أحد أهدافك ؟ أم هو الهدف الأول ؟ أم الهدف الوحيد ؟ أم أنه ليس هدفاً على الإطلاق ؟ أم تضعه في آخر القائمة : قد تتذكره أحياناً ، وقد لا تتذكره ! أم أن الله قد تحول في نظرك إلى مجرد وسيلة لتحقيق أهدافك ! وإن لم يحققها لك : تغضب منه وتثور ، وقد تقطع صلتك به . هل تحب الله كما أحبك ؟ وهل قلبك كله له ؟ أم هناك أهداف جانبية إلى جوار الله ، تسعي أن تكون هي الأصل ؟ هل تفكر في أبديتك ـ وقبل أن تصل إلى أحضان القديسين ، تصل إلى أحضان الله ؟ حسبما يكون هدفك هكذا تكون حياتك وهكذا تكون وسائلك . فراجع نفسك ... |
|||
07 - 10 - 2018, 03:11 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: معالم الطريق الروحي للبابا شنودة الثالث
ميرسي على مشاركتك المثمرة
ربنا يفرح قلبك |
||||
07 - 10 - 2018, 08:02 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | |||
نشط جداً | الفرح المسيحى
|
رد: معالم الطريق الروحي للبابا شنودة الثالث
|
|||
08 - 10 - 2018, 11:14 AM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: معالم الطريق الروحي للبابا شنودة الثالث
وهل قلبك كله له ؟ أم هناك أهداف جانبية إلى جوار الله ، تسعي أن تكون هي الأصل ؟
هل تفكر في أبديتك ـ وقبل أن تصل إلى أحضان القديسين ، تصل إلى أحضان الله ؟ حسبما يكون هدفك هكذا تكون حياتك وهكذا تكون وسائلك . فراجع نفسك ... مشاركة جميلة جدا ربنا يبارك حياتك |
||||
10 - 10 - 2018, 05:50 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
نشط جداً | الفرح المسيحى
|
رد: معالم الطريق الروحي للبابا شنودة الثالث
اقتباس:
|
||||
|