رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
“أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُم….” إنجيل القدّيس متّى ٥ / ٤٣ – ٤٨ قالَ الربُّ يَسوعُ: «سَمِعْتُم أَنَّه قِيل: أَحْبِبْ قَريبَكَ وأَبْغِضْ عَدُوَّكَ.أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُم: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُم، وصَلُّوا مِنْ أَجْلِ مُضْطَهِدِيكُم، لِتَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبيكُمُ الَّذي في السَّمَاوَات، لأَنَّه يُشْرِقُ بِشَمْسِهِ عَلى الأَشْرَارِ والأَخْيَار، ويَسْكُبُ غَيْثَهُ عَلى الأَبْرَارِ والفُجَّار.فَإِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذينَ يُحِبُّونَكُم، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُم؟ أَلَيْسَ العَشَّارُونَ أَنْفُسُهُم يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟ وإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلى إِخْوَتِكُم وَحْدَهُم، فَأَيَّ فَضْلٍ عَمِلْتُم؟ أَلَيْسَ الوَثَنِيُّونَ أَنْفُسُهُم يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِين، كمَا أَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ هُوَ كَامِل. “التأمل: “أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُم….” اذا قرأ العراقي أو السوري – المسيحي الذي هجره الداعشي من أرضه وذبح أهله ودنس مقدساته وصية يسوع هذه لن يقبلها، لا بل سيستخف بها، لانها تدعوه أن يتنازل ولو ظاهرياً عن حق الدفاع المشروع عن نفسه، والتخلي عن مشاعره الانسانية الطبيعية، أو التنكر لها. كيف له أن يحب من اغتصب زوجته أو أخته أو ابنته أمامه؟؟ كيف له أن يقبل صورته في مخيلته وهو مبتسم؟ ألعل هذه الوصية هي مثاليات لا تطبق على أرض الواقع؟ إنسانياً نعم، اذ لا قدرة لأي إنسان أن يحب أعداءه!!! يطلب منا يسوع أن ننتقل من الناموس البشري الى المنطق الالهي، من شريعة الجسد المحدود، الى النعمة غير المحدودة. يبقى الانسان عاجزاً عن محبة أعدائه الا بنعمة الهية تفوق قدرته، وتكمل عجزه. لقد ملأ الخدام الاجاجين ماءً في عرس قانا، هذا أكثر ما يمكنهم فعله، وقد حول الرب الماء الى خمرة جيدة بنعمته. ليس باستطاعتنا محبة الأعداء، لكن اذا طلبنا هذه النعمة من الله سيعطينا إياها مع كل الإمكانيات اللازمة لقبولها، رغم استحالة تنفيذها. هذا هو جوهر المسيحية وفرادتها، لا بل هذا هو جوهر الله. يروي المحامي رامز سلامة في شهادة له عن معلّمه وصديقه الأب عفيف عسيران: “سألتُه يومًا ما الذي جعلك تتحوّل إلى المسيحية فأجاب: “عندما قرأتُ في الإنجيل أحبوا أعداءكم، قلتُ: “اللهُ هنا”، ولم يُضِف على ذلك شيئًا”. لقد لخّص الأب عفيف دوافعَ وخلفياتِ اختيارِه للمسيحية في سببٍ واحد هو محبةُ الأعداء. ويقول في إحدى الشهادات عن مثاليةِ هذه الوصية وصعوبةِ تحقيقِها: “هذا المثالُ الأعلى عند المسيح لفتَ نظري، وكنتُ أتساءل حقيقةً وأقول: إن هذا المثالَ الأعلى يقرِّبُ من الله ولكني عاجزٌ عن تحقيقِه. ولكن المسيحَ يقولُ في إنجيلِ يوحنا: “من آمن بي يعملُ هو أيضًا الأعمالَ التي أعملُها، بل يعملُ أعظمَ منها” (يو ١٤/ ١٢). ويخلصُ الأب عفيف إلى القول: “كلامُ المسيحِ هذا أسمى بكثير مما أعرفُه عن الإسلام، حتّى عند المتصوّفين”. ينصحنا القدّيس سلوان الآثوسي ” إذا كنا عاجزين عن محبة أعدائنا وإذا كنّا بلا محبّة، فلنستدر نحو الرّب بصلوات حارّة، إلى والدته الكليّة الطهارة، ولجميع القدّيسين، والرّب سوف يساعدنا في كلّ شيء، هو الذي محبّته لنا لا تعرف الحدود”. |
|