إن كل محبة تبعدك عن محبة الله هي محبة غريبة خاطئة .
وكل محبة تنافس الله في قلبك ، اهرب منها .
ولكنك يمكنك أن تحب كل الناس من أجل الله ، وداخل محبة الله . تحبهم في المسيح يسوع الذي أحبهم . ولا تحبهم أكثر من الله . وحتى العالم الخاطئ ، تحبه أيضاً لكي تقوده الي محبة الله ، لا لكي يشغلك عنه …
القلب كله ملك لله ، فلا تسلبه شيئاً من حقوقه .
إن كان قد قال عن العشور { سلبتموني ، قال الرب } { ملا4} ، فكم بالأكثر نسلبه ، إن أعطينا قلبنا لشيء ضده ، أو فضلنا آخر عليه ؟! لذلك شبهت النفوس المحبة لله بالعذارى . ويقل في سفر النشيد { أحبتك العذارى } { نش1} . واللائى دخلن الملكوت شبهن بخمس عذارى حكيمات { مت25}. وقال بولس الرسول { خطبتكم لرجل واحد ، لأقدم عذراء عفيفة للمسيح … } { فلماذا هذه التشبيهات كلها ؟
لأن العذراء لم تعط ذاتها لآخر …
وينطق الاسم علي كل نفس لم تعط قلبها لغير الله . ويتساوى في هذا المتزوجون وغير المتزوجين / مادام القلب في محبته مكرساً لله وحده … وهكذا قالت عذراء النشيد { أنا لحبيبي ، وحبيبي لي } أنا لست لشيء آخر …. ونلاحظ هنا استخدام كلمة { حبيبي } بدلاً من كلمة ربي وإلهي بسبب عاطفة الحب ، التي ندعوه بها أبانا …
إنه حب متبادل بين الله والنفس البشرية .
بسببه قال بولس الرسول { خسرت كل الأشياء ، وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح … وأوجد فيه } { في3} … فإن كنا نتعلق بشيء في العالم يشغلنا عن محبة الله فهذا دليل علي أن محبتنا ليست كاملة … لقد استطاع القديسون أن يفرغوا قلوبهم من كل حب ، لكي يكون الله هو الكل في الكل في قلوبهم … لكي يكون الفكر كله لله والعاطفة كلها . فالحاجة الي واحد
أنت تحب الله ، تحب كل الناس داخل محبة الله .
لا تسمح بوجود محبة في قلبك تتعارض مع محبة الله ، فهذه خيانة لله الذي خلقك ورعاك وفداك … والكتاب يقول
{ محبة العالم عداوة لله } { يع4} . وقيل { إن أحب أحد العالم ، فليست فيه محبة الآب } { 1يو2} . ولذلك فإن الكنيسة تقول لنا في كل قداس { لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم . لأن العالم يبيد وشهوته معه } { 1يو2} .
كذلك لا نحب أحداً أو شياً أزيد من محبتنا لله .
فقد قال الرب { من أحب أباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني . ومن أحب إبناً أو ابنة أو زوجة أكثر منى فلا يستحقني } …
{ وهكذا قال الآباء الرسل { ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس }… بل حتي نفسك ، لا تحبها أكثر من الله ، بل تضبطها وتقمعها في طاعته . وتنكر ذاتك ، وتبغض نفسك من أجل الرب … وإذا أحببت الله من كل القلب لا تسمح لأي شيء أن يفصلك عنه . فقد قال الرسول :
} من يفصلني عن محبة المسيح ؟! ….{ } رو8{ .
لا شده ولا ضيق ، ولا قوات حاضرة ولا مستقبلة … ولا أية شهوة أو رغبة …. ما أعجب قصة ذلك القديس الذي كان سائراً في البرية يصلي . فأتي ملاكان سار واحد عن يمينه والآخر عن يساره ، ولكنه لم يسمح لنفسه أن ينشغل بهما عن صلاته . بل قال في فكره { من يفصلني عم محبة المسيح ؟! لا ملائكة ولا رؤساء ملائكة } !! واستمر في عمق صلات