اللاهوتي إنسان تقابل مع الله واستعلن له بالروح القدس فانفتحت بصيرته الداخلية على الحق ولمسه من جهة كلمة الحياة فرأى وعاين وشاهد مجده، فحبه والتصق به، فصار رعية مع القديسين وأهل بيت الله، وامتلئ بالروح وصار يتكلم بقوة الله وباسمه من واقع اختباري في لقاء دائم معه في صلاته ومن خلال كلمة الحياة الفعالة التي تعمل فيه وتشكله باستمرار على صورة شخص ربنا يسوع المسيح.
يا إخوتي الإنسان الذي يظن في نفسه أنه لاهوتي
وذلك بسبب توسع معرفته اللاهوتية من خلال القراءة أو الدراسة أو حتى بسبب حصوله على أعلى شهادات العالم في اللاهوت، يخدع نفسه ويضل عن الحق، لأن اللاهوت يخص طبيعة الله نفسه، وطبيعة الله لا يعرفها ولا يملكها أحد لأنها ليست في متناول الناس، لأن الله ليس نظرية فكرية أو فلسفية ولا حبيس الكتب ولا محصوراً في تعبيرات ومصطلحات سواء فكرية أو لاهوتية فلسفية، بل هو شخص حي يشهد لذاته ويدعو الإنسان بنفسه للحياة الأبدية ويُقيم معهُ شركة ويغير حياته ويشع فيه نوره الخاص ويعطيه كلمته ويرشده للحق ويعطيه إلهامات بروحه لينطق ويُعلِّم باسمه، فانتبهوا واعرفوا الله لا كمعلومة ولا كلمات كتب بل شخص حي وحضور مُحيي، فلا يتسرع أحد في التكلم باللاهوت بسبب عمق معرفته واتساع بحثه ودراساته معتمداً على فهمه الإنساني الطبيعي.
ولكن الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله
لأنه عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يُحكم فيه روحياً (أي أن الإنسان البشري الطبيعي لا يتقبل أُمُورَ رُوحِ اللهِ لأنها ستصير عنده جَهَالَةً أو سيجهلها ولن يستوعبها، ولاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْرِفَهَا لأَنَّ تَمْيِيزَهَا إِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى حِسٍّ رُوحِي أو بصيرة روحية أي ذهن مستنير وروح إفراز وتمييز للحق المستعلن لهُ في قلبه وذهنه بالروح القدس) (1كورنثوس 2: 14)
ملحوظة مهمة للغاية
الدراسة اللاهوتية المدققة والأبحاث العميقة والمتقدمة ضرورية ومهمه وتأتي بعد الاستنارة وانفتاح القلب على الله وحياة الشركة الدائمة، لكن لو الدراسة كانت قبل انفتاح القلب واستنارة الذهن فهي مرحلة خطر لأن العلم ينفخ، والدراسة والتحدث عن الله والإنسان أعمى البصيرة ولم يُستعلن له مجد الله الحي فأنه سيتحدث بالظلمة غير مميز الحق من الباطل فسيضل كما أنه سيضل آخرين عن دون قصد منه، لأنه لن يعرف يمينه من يساره لأنه يتحدث بكلام الإنسانية المقنع وليس ببرهان الروح والقوة.