في الإصحاح الثاني من رسالة فيلبى، نرى المسيح في طريق تواضعه كالمثال الكامل لنا في سلوكنا. أما الإصحاح الثالث فيستحضر أمامنا المسيح في المجد كالغرض الكامل لنفوسنا، ويخبرنا بأننا مدعوون لنكون معه ومثله في الأعالي. وبهذا المنظر الساطع أمامنا يمكننا أن ننسى الأشياء التي وراءنا، ونرتفع فوق الأحزان الحاضرة لندرك الأشياء التي أمامنا.
وفى ضوء المجد الأبدي الذي أمامنا، فإن الأشياء الحاضرة تفقد قيمتها، والأحزان التي تواجهنا نراها وقتية. وبالمقارنة مع المجد الآتي، فإن الأشياء التي اكتسبها الجسد لم تكن فقط بلا قيمة في نظر الرسول، ولكنها معيبة ومعطلة كذلك. والرسول المغبوط بولس إذ رأى تفاهتها، فإنه لم يطرحها خلفه فقط، ولكنه نسيها جميعاً، وكأنه يقول: إنها لا تستحق أن نتكلم عنها بل أن ندينها، إنني أنساها (ع13).
كان المسيح أمام بولس كالغرض الذي يسعى إليه ليكون معه ومثله في المجد. إن شيئاً واحداً كان يطلبه، وهو أن يُمسك بالمسيح في المجد، وكالجائزة التي تنتظره في نهاية الرحلة.
إنه شيء مبارك لكل المؤمنين كباراً وصغاراً، أننا إذا لم نُمسك بالمسيح في المجد، فالمسيح يمسك بنا، والتي ابتدأ عملاً صالحاً يكمل إلى النهاية. لا تهم وعورة الطريق وكثرة التجارب وعمق الأحزان وقوة العدو، فالمسيح لن يدعنا نفلت. إنه قادر "أن يُخضع لنفسه كل شيء". وهكذا في النهاية سنكون مثله ومعه في المجد.
أحقــــاً سنكــــــون كابنـــــــه؟!
أهي النعمة التي أحرزها لنا؟
فأبو المجد، فكره يفوق كل أفكارنا
وسيُحضرنا في المجــد كشبــه ابنــه!