عمق كلمة اللــه - مار اسحق السريانى
يا إلهنا ، من يستطيع استيعاب كل الغنى الموجود في كلماتك ؟!! ما نفهمه أقل بكثير ممّا لا نفهمه.... إننا نشبه أناسا عطاشَ يشربون من الينبوع دون أن يستنفذوه ، هكذا أبعاد كلمتك عديدة وعديدة أبعاد الذين يدرسونها . لقد لوّن الرب كلامه بجمال مختلف الجوانب حتى يجد فيه كل باحث ما يحب. وأخفى في كلمته كل الكنوز حتى يستطيع كل واحد منا أن يجد غذاءً يتأمل فيه . كلمته مثل شجرة الحياة تمد لك من كل الجهات ثماراً يانعةً . كلمته تشبه تلك الصخرة التي تفجرت ماءً في البرية فَغَدتْ شراباً روحياً لكل إنسان كما قال القديس بولس: ((لقد أكل جميعهم طعاماً روحياً واحداً ، وشرب كلهم من ينبوع روحي واحد)) 1 كو10/4 فلا يتصور من حاز على أحد هذه الكنوز إنه استفرغ كل الغنى الموجود في كلمة اللــه ، بل يجب أن يعلم أنه لم يكن قادراً على الاكتشاف إلا شيئاً واحداً من بين أشياء كثيرة . ولا يظن أن الكلمة صارت فقيرة بما أعطته له ، بل عليه أن يفهم أنه غير قادر على استنفاد غناها أبداً فليشكر اللــه على عظمتها . ابتهج إذاً ،لأنك أرويت غليلك ولا تحزن لأن غنى الكلمة يفوقك . فالعطشان يفرح عندما يشرب ولا يحزن أمام عجزه في استنفاد الينبوع . من الأفضل أن يهدئ الينبوع عطشك من أن يستنفده ، فإذا روى الينبوع عطشك دون أن ينضب ، فسوف تستطيع أن تشرب منه كلما تعطش ، وعلى العكس ، إذا استنفد الينبوع بشربك ، فسوف ينقلب ما حصلت عليه شقاء . اشكر اللــه على ما شربته ولا تتذمر مما لم تشربه ، لأن ما تناولت هو نصيبك وما بقي هو إرثكَ ، وما لم تستطع تناوله الآن بسبب ضعفك ستحصل عليه فيما بعد بمثابرتك .