ينبغي أن نعرف معنى الغضب الشريف الذي يحفظ حياتنا في سرّ التقوى، لأن كل من يحب الله من قلبه يتولد فيه غضب عميق بالروح، نابع من الغيرة الحسنة، لأن الغيرة هي حمية الرجل فلا يشفق في يوم الانتقام، وهذا الغضب موجه ضد الظلمة، وكل ما هو مخالف للحق المعلن في الإنجيل من جهة وصية المسيح الرب، لأن غضبنا كله موجه ضد الخطية، فنحن نغضب بغيرة التقوى الحسنة على هياكل أجسادنا ولا نُشفق على أي دخيل يفسدها عن البساطة التي لنا في المسيح، لأن حينما تقترب منا خطية أو قلبنا يزوغ وراء شهوات النفس فأننا نغضب ضد هذا العدوان السافر ولا نتوافق معه أبداً، بل نثور بالروح ونطرده من هياكنا بنعمة الله (وليس بقدراتنا ولا بسلطان أنفسنا)، إذ نُعطيه القفا لا الوجه، لأنه حينما يقترب من باب القلب ويقرع فأننا لا نفتح لهُ أو حتى نصغي لقرعاته لأننا لا نتعامل معهُ، وحتى ان حدث ودخل في حالة غفلة منا فأننا نثور عليه ولا نقبله للسكنى فينا، لأن غضبنا هو غضب الغيرة للرب إله الجنود، وهو الذي يجعلنا نتمسك بالحياة لأننا لا نقبل السوء.
فانتبهوا لأن غضبنا مقدس حسب الحق وهو غير موجه أبداً لإنسان ما،
بل موجه ضد الخطية والظلمة وحدهما، وكما غضب شخص ربنا يسوع وطرد الصيارفة والباعة من الهيكل بيت الصلاة، هكذا نحن أيضاً نأخذ من غضبه الصالح لنطرد عنا كل ما يشوش بيت صلاتنا الداخلي، أو كل ما يدنس هياكل أجسادنا، وكل ما يعكر صفو حياتنا الروحية من محبة مال أو لذة شهوة منحرفة، أو محبة أي شيء أكثر من مسيح القيامة والحياة.
يا إخوتي ان هذا هو غضب التقوى الصالح
الذي يجعلنا نحترس ونبغض الخطية ولا نفعل الأمور التي من أجلها يأتي غضب الله على أبناء المعصية (كولوسي 3: 6)، فنحن لا ينبغي أن نقبل الأعمال الشريرة أو نتعامل مع مسبباتها، ونغضب على أنفسنا حينما تميل نحو الشرّ أو كل ما هو شبه فاسد مخالفاً لوصية الإنجيل، لذلك علينا أن لا نتصالح ابداً مع الظلمة، أو نُهادن لذات الجسد ونقبل شهواته، لأن الرسول يقول: أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ كَغُرَبَاءَ وَنُزَلاَءَ أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُحَارِبُ النَّفْسَ، لأَنَّ هَذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الزِّنَا (1بطرس 2: 11؛ 1تسالونيكي 4: 3)
لنصلي ونطلب معونة الروح القدس
طالبين أن يُعطينا قوة الغضب الإلهي ضد ظلمة الخطية، حتى نغلبها بغضب حمل الله الذي طهر هيكل الصلاة وطرد المخالفين، لأن بيته بيت الصلاة يُدعى وليس مغارة لصوص، فلنحذر من اللصوص الذين يقفزون من فوق الأسوار لينهبوا منا قداستنا ويشوهون بيت الصلاة فلا نستطيع أن نرفع ذبيحة حية على مذبح قلبنا المدنس، لأن من هو الذي يصعد إلى جبل الرب، ومن يقوم في موضع قدسه سوى الطاهر اليدين والنقي القلب، الذي لم يحمل نفسه إلى الباطل ولا حلف كذباً، يحمل بركة من عند الرب وبراً من إله خلاصه (مزمور 24: 3 - 5)
طهر قلبنا يا سدينا الرب
واطرد كل اللصوص الذين سطوا على أنفسنا فدنسوا هيكلنا الذي قدسته أنت، أعد لنا مجد بهاء هياكلنا مزيناً بفضائلك الإلهية، لكي يصلح لسكناك مع أبيك الصالح والروح القدس آمين