حين ترافع مكرم عبيد عن شاب مسلم
قصص وحكايات يتناقلها المصريين عن قضايا أشغلت الرأي العام لعقود من الزمن، ما بين جنائية أو سياسية أو اجتماعية، غير أن هناك قضية اشتهرت قبل سنوات طويلة بطلها مسلم ومسيحي، وزادها شهرة ترافع القيادي الوفدي القبطي المعروف مكرم باشا عبيد عن المواطن المسلم.
وكان عبيد يعمل بجانب مهامه السياسية في المحاماة، وكانت أغلب القضايا التي يترافع فيها تلك التي تخص المتهمين بتهم سياسية، واشتهرت العديد من مرافعاته التاريخية وكان الناس في ذلك الوقت يرددون بعض الجمل التي حفظوها من مرافعاته، ونتيجة نبوغه في المحاماة بالإضافة إلى دوره الوطني، اختير نقيبا للمحامين ثلاث مرات، كما كان هو من ترافع عن الكاتب الكبير عباس العقاد حين اتهم بسب الذات الملكية.
يروي الكاتب فؤاد إسكندر، تفاصيل القضية الشهيرة في مقال له بجريدة الوفد منشور في مايو 2011.
بدأت القضية بمشاجرة في إحدى قرى مصر بين شابين، أحدهما مسلم والآخر مسيحي، وقام المسلم بـ"سب الدين" للمسيحي، فما كان من المسيحي إلا أن رفع دعوى قضائية ضد جاره.
وأضاف إسكندر، أن أهل الشاب المسلم سارعوا وتوجهوا إلى القيادي الوفدي الكبير المحامي مكرم عبيد، وطلبوا منه أن يدافع عن ابنهم، لا سيما بعد أن علموا أن الشاب المسيحي أحضر شهودا على الواقعة كان من بينهم مسلمين، فما كان عبيد إلا أن وافق على الفور على تولي القضية.
وفي جلسة المحكمة، القى القيادي الوفدي، مرافعته أمام القاضي، مؤكدا أن الشاب المسلم لم يتعلم في المدارس، وأن كل ما حصل عليه هو ما تلقاه في كتاب القرية من حفظه للقرآن الكريم والأحاديث النبوية وبعض العمليات الحسابية البسيطة.
وأشار مكرم عبيد، إلى إن الأطفال في ريف مصر يتعلمون في الكتاتيب أن "الدين عند الله الإسلام"، ومن ثم فإن الشاب المسلم لم يقصد “سب الدين” لأنه لا يرى دينا آخرا غير الإسلام، وبالتالي انتهت الجريمة من وجهة نظر الدفاع.
وتابع أن القول بأن سب الدين لقبطي جريمة، هو قول يخالف الأصل التشريعي الذي تسير عليه القوانين في مصر من أن الدين المقصود هو الإسلام، لأنه هو الدين الوحيد الذي يعتبره الإسلام دينا.
وهنا نظر رئيس المحكمة إلى مكرم باشا عبيد وقال له: "وهل تؤمن أنت بما تقول؟"، فجاء رد مكرم عبيد بكل هدوء: "يا سيادة المستشار أنا أقول ما تؤمن أنت به (لكم دينكم ولي ديني)"، فضجت المحكمة بالضحك من رد مكرم عبيد، فأصدر القاضي حكمه بالبراءة.