لماذا لعن السيد المسيح شجرة التين؟
لم يلعن يسوع المسيح أحداَ أو شيئاَ طيلة أيام حياته على الارض كبشرِ إلا شجرة التين, فهو لم يلعن الذين ضربوه أو شتموه ولا حتى الذين صلبوه بل قال يا أبت إغفر لهُم فإنهُم لا يعرفون ما يفعلون. فلماذا لعن شجرة التين ولم يكن أوان التين بعد, فما الذي جعل المسيح الحليم الصبور العطوف يلعن الشجرة إذاَ؟
يقول كثيرُمن المُفسرين إن الشجرة كانت مورقة وبلا ثمر ولهذا لعنها الرب لأنها كألمؤمن الذي يؤمن وليس له أعمال حسنة, إي إنه هو الآخر ملعونُ أيضاَ.
ولكن الكتاب يقول "كُل من آمن لا يُخزى" ولم يقُل كل من آمن وكانت له أعمال حسنة كثيرة أو قليلة لا يُخزى, هذا ولم يكُن للص الذي صُلب بجانب صليب المسيح شيئاَ يشفع فيه إلا إيمانه عندما قال " يارب أُذكرني متى جئت في ملكوتك." فأجاب يسوعُ, "الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس."(لو 23-42).
فما هو السبب الحقيقي إذاَ؟ فدعنا نرى أين ورد اللعن أولاَ ثُم متى:
أولاَ لقد تم ذلك في اليوم التالي لأحد الشعانين وبعد أن دخل يسوع الى أُورشليم وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام وأخرج الباعة والمشترين من الهيكل. وبعد لعن التينة بأيام قال للفريسيين والكتبة:
متى(23-33): أيُها الحيات أولاد الافاعي كيف تهربون من دينونة جهنم (34) من أجل ذلك ها أنا أُرسل اليكم أنبياء وحُكماء وكتبةَ فمنهُم من تقتلون وتصلبون ومنهم من تجلدون في مجامعكُم وتطردون من مدينةِ الى مدينةِ (35) لكي ياتي عليكُم كل دمِ زكي سُفك على الارض من دم هابيل الصديق الى دم زكريا بن بركيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح (36) الحق أقول لكُم إن هذا كُله سيأتي على هذا الجيل (37) يا أُورشليم يا أُورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها كم من مرةِ أردت أن أجمع بنيك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها فلم تُريدوا. (38) هوذا بيتكُم يُترك لكم خراباَ (39) فإني أقول لكُم إنكُم لا ترونني حتى تقولو ا مُباركُ الآتي بإسم الرب.
ثُم بعد ذلك ذهب الى الهيكل مع تلاميذه وأخبرهُم عن علامات نهاية العالم. وبعدها جاء موعد فدائه وصلبه على الصليب.
فألآن بعدما عرفنا تسلسل الاحداث وتوقيتها نذهب لنرى كيف حصل اللعنُ:
مرقس(11 -12): وفي الغد لما خرجوا من بيت عنيا جاع (13) فنظر عن بُعدِ شجرة تينِ ذات ورقِ فدنا اليها لعله يجد عليها شيئاَ. فلما دنا لم يجد إلا ورقاَ لأنه لم يكُن أوان التين. (14) فأجاب وقال لها لا يأكل أحدُ ثمرةَ منك الى الابد وكان تلاميذُه يسمعون .......... (20) وفي الغداة إجتازوا فرأوا التينة قد يبست من أصلها.
أن المسيح قد لعن شجرة التين لإتمام النبؤة التي وردت سابقاَ في:
ميخا(7 - 1): ويلُ لي فإني قد صرت كجنى الصيف كخُصاصة القطاف لا عُنقُود للأكل وقد إشتهت نفسي باكورة التين. (2) قد هلك الصفي من الارض وليس في البشر مُستقيمُ. جميعُهُم يكمُنون للدماء وكُلُ منهُم يصطاد أخاه بشرك. (3) إنما اليدان لتمام الشر. الرئيس يسأل والقاضي يقضي بألأُجرة والعظيم يتكلم بهوى نفسه فيُفسدونها (4) أصلحُهُم كألحسك والمُستقيم منهُم كشوك السياج. قد وافى يوم رُقبآئك وإفتقادُك. الآن يكون تحيرُهُم. (5) لا تأمن صديقاَ ولا تثق بصاحب وإحفظ مداخل فمك من التي تنام في حضنك. (6) فإن ألإبن يستهين بأبيه وألكنة تقوم على حماتها وألإبنة على أُمها وأعدآء ألإنسان أهل بيته. (7) أما أنا فأترقب الرب وأنتظر إله خلاصي فيسمعُني إلهي. (8) لا تشمتي بي يا عدُوتي فإني إذا سقطت أقومُ وإذا جلست في الظُلمة يكون الرب نوراَ لي (9) إني أحتمل غضب الرب لأني خطئت إليه إلى أن يُخاصم لخصومتي ويُجري حُكمي فيُخرجُني إلى ألنور وأرى عدله (10) وترى عدوتي فيغشاها الخزيُ القائلة لي أين الرب إلهُك. إن عينيّ تريانها. حينئذِ تكون مدوسةَ كحمإ الأسواق.
إن السيد بلعن الشجرة قال الشيْ الكثير ولم يفهم أحدُ من التلاميذ حوله ولا من المؤمنين بعد ذلك, فهو يقول إنكُم أيها البشر أصلحكُم كالحسك, جميعكُم تكمنون للدماء, كُل ُيتصيد أخاه بكلمة, لقد أفسد القوي فيكم الارض, لا أمان من صديقِ ولا إحترام من ألاولاد لوالديهم, وأول أعداء الانسان أهل بيته. (وهذا هو حال البشر وقت مجيْ المسيح الاول وكذلك الثاني أيضاَ), والقاضي يحكُم بألإجرة اي يقول المسيح هنا سوف تحكمون على بألظلم وتشمت بي عدوتي (أُورشليم) قائلةَ أين الرب الهك دعونا ننظر هل سيأتي إيليا ليُخلصهُ, ولكني بعد الموت سأقومُ, أما أنتي يا أُورشليم فسيغشاك الخزي وتدخُلك ألأُمم وتكونين مدوسةَ كحمإ ألأسواق الى أن تنتهي أزمنة ألأُمم الى أن يغفر الرب معصية بقية ميراثه ويرحمهُم فترى ألأمم وتخزى من قوتها وتخشى الرب.
ولنرى ماذا كان المسيح ينتظر منهم نذهب الى:
المزمور الثاني والعشرون: الهي الهي لماذا تركتني. بعُدت عن خلاصي كلمات صُراخي (2) الهي في النهار أدعو فلا تستجيب وفي الليل فلا روح لي (3) .......(6) وأنا دودةُ لا إنسانُ عارُ عند البشر ورذالة ُفي الشعب (7) كل الذين يبصرونني يستهزئون بي يفغرون الشفاه ويهزون الرؤوس (8) فوض الى الرب أمره فليُنجه ويُنقذه فإنه راضِ عنه (9) .........
(11) لا تتباعد عني فقد إقترب الضيق ولا مُعين (12) قد أحاطت بي عجولُ كثيرةُ ثيران باشان إكتنفتني (13) فتحوا علي أفواههُم أُسُداَ مُفترسةَ زائرةَ (14) كالماء إنسكبت وتفككت جميع عظامي. صار قلبي مثل الشمع. ذاب في وسط أحشائي (15) يبست كالخزف قوتي ولساني لصق بحنكي والى تُراب الموت تُحدرُني (16) قد أحاطت بي كلابُ. زُمرةُ من ألأشرار أحدقت بي. ثقبوا يدي ورجلي (17) إني أعد عظامي كُلها وهُم ينظُرون ويتفرسون في (18) يقتسمون ثيابي بينهُم وعلى لباسي يقترعون (19) وأنت يارب لا تتباعد. يا قوتي أسرع الى نُصرتي......... (20) سأُبشر بإسمك إخوتي وفي وسط الجماعة أُسبحُك (23) .......... (26) سياكُل البائسون ويشبعون ويُسبح الرب مُلتمسُوهُ. إن قلوبكم تحيا الى الابد. (27) تتذكر جميع أقطار الارض وترجع الى الرب وأمام وجهك يسجد جميع عشائر الامم (28) لأن المُلك للرب وهو يسود على الأُمم ..................... (30) ذُرية من يعبُده تُخصص بالسيد مدى الدهر (31) يأتون ويُبشرون ببره الشعب الذي سيولد لأنه قد صنع.
فالسيد المسيح لم يلعن شجرة التين إلا ليقول للشعب إنكُم مثل هذه الشجرة لا تصلحون فإن أُصولكُم في هذه الارض سوف تيبس وتُقلعون منها وتكونون لعنةَ بين ألأُمم, ولكن جميع أقطار الارض سوف ترجع الى الرب لان حبة الحنطة التي سقطت الى الارض (المسيح) سوف تأتي بثمرِ كثيرِ جداَ وسوف يولد شعبُ جديد ياتي ليُبشر ببر الرب, وأنا واضعُ أساس هذا الشعب بنفسي ومني سوف ينموا ويتكامل.
والان دعونا نرى الذي حصل فعلاَ:
متى(27 - 38): حينئذِ صلبوا معه لصين واحداَ عن اليمين والآخر عن اليسار (39) وكان المجتازون يُجدفون عليه وهُم يهُزون رؤوسهُم (40) ويقولون يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيامِ خلص نفسك. إن كُنت إبن الله فإنزل عن الصليب (41) وهكذا رؤساء الكهنة مع الكتبة والشيوخ كانوا يهزأُون به قائلين (42) خلص آخرين ونفسه لم يقدر أن يُخلصها. إن كان هو ملك إسرائيل فلينزل الان عن الصليب فنؤمن به (43) إنه متكلُ على الله فليُنقذه الان إن كان راضياَ عنه لأنه قال أنا إبن الله (44) وكذلك اللصان اللذان صُلبا معه كانا يُعيرانه (45) ومن الساعة السادسة كانت ظُلمةُ على الارض كلها الى الساعة التاسعة (46) ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوتِ عظيمِ قائلاَ "إيلي إيلي لما شبقتني" أي إلهي إلهي لماذا تركتني.
وفي سنة (70) للميلاد حاصر القائد الروماني تيطس أُورشليم وخرب الهيكل وأخّذ منه المنارة ومائدة التقدمة وبعد تدمير الهيكل هرب اليهود من أُورشليم وأرض فلسطين وإنتشروا على وجه الارض الى جميع الامم (حيث لم يفهموا ويعلموا إن ذلك إنما كان زمان إفتقادهم), وداست الأُمم أُورشليم نحو من الفي سنة, وبُشرت مُعظم بقاع الارض بألأنجيل , وإبتدأ الايمان يتناقص والإرتداد يتزايد وعلامات النهاية تطلُ, والان وفي هذه الأيام عادوا ثانيةَ الى أرض فلسطين فتذكروا مثل شجرة التين:
متى(24 - 32): من التينة تعلمُوا المثل فإنها إذا لانت أغصانُها وأخرجت أوراقها علمتُم إن الصيف قد دنا. (33) كذلك أنتُم إذا رأيتُم هذا كله فإعلموا أنه قريبُ على ألأبواب (34) الحق أقول لكُم إنه لا يزول هذا الجيل حتى يكون هذا كلهُ.
فإعلموا إذاَ إن ملكوت الله قريب وإن النهاية أصبحت وشيكة وعلى الأبواب فقد حان الوقت ليرحم الله اليهود ويؤمنوا بالمسيح الذي جاء والذي صلبوه ونكروه فإن كان رفضهم مصالحة العالم, فقبولهُم سيكون الحياة من بين الاموات وتاتي القيامة بعد الضيقة التي ستحل بألمؤمنين بألمسيح الحقيقي كافة فإنتصبوا وإرفعوا رؤوسكُم فإن خلاصكُم يقترب والمسيح قادمُ ثانيةَ في مجده ليُدين الاحياء والاموات, وليُعطي الحياة الابدية للمؤمنين به كافة.
نوري كريم داؤد