قصة حريق الإسكندرية بعد هزيمة جيش عرابي
كانت مصر كلها تغلي من المدن الكبرى إلى القرى مع وصول الأسطول الإنجليزي إلى الإسكندرية، وتأهب الجيش بقيادة الزعيم أحمد عرابي مواجهات عنيفة ودامية، لكن يبقي أصعبها وأقساها المواجهة الأولى في محافظة الإسكندرية والتي حولت المدينة الساحلية إلى كومة من التراب أو ما تخلفه النار.
بعد استمرار المواجهات في الإسكندرية والتي انتصر فيها الجيش الإنجليزي لم يبق أمام الجنود المصريين إلا التراجع لكن دون أن يتركوا الإسكندرية للقوات الإنجليزية لذلك ظلت أصابع الاتهام نحو رفاق عرابي بأنهم السبب في حريق الإسكندرية حتى لا يبقى الإنجليز بها.
يقول الكاتب الصحفي والمؤرخ الكبير عبد الرحمن بدوي في كتابه أيام لها تاريخ عن هذه الواقعة: «بعد واقعة ضرب الأسطول الإنجليزي لمدينة الإسكندرية في 11 يوليو عام 1882م، اندلعت في اليوم الثاني من المجزرة البشعة النيران في حي المنشية وانتشر الحريق بعد ساعة في بقية الأحياء الشعبية والأجنبية».
ويضيف بدوي: «وجهت أصابع الاتهام في واقعة يراها المؤرخون لغزًا غامضًا في التاريخ المصري الحديث للثوار العرابيين بعد صمودهم ورفضهم الانسحاب من المدينة، حيث اتهم أحد شهود العيان عبد الله النديم بأنه شوهد يحمل مسدسًا ويقتل ثلاثة من الأوربيين ويؤكد أنه سيحرق المدينة هو ورفاقه، كما وجهت أصابع الاتهام للشهيد القائم مقام سليمان سامي داود، قائد الآلاي السادس الذي كان متمركزًا في المدينة حيث اتهمه البعض أنه أمر جنوده بإحراق المدينة على أمل أن يحول الحريق دون نزول الإنجليز بها.»
يقول بدوي: «يصف الرافعي هذا العمل بأنه عمل عقيما يدل على الجهل بالخطط الحربية لأنهم لم يعطلوا نزول الجنود الإنجليز، فذلك الضابط الكبير كان معروفا بالحمق والتهور ويعتبر نفسه عرابي وصمم على ألا ينسحب الجيش من الإسكندرية إلا بعد أن يجعلها خرابا ويتخذ الرافعي من هذا لتصرف دليل على انعدام القرار بين القادة العرابييين».