أما بالنسبة للكلام القائل كيف أن الحية تتكلم؟
وكيف أن الحمار يتكلم؟ في البداية نريد أن نقول أن هذه القصص وغيرها هي قصص واقعية وليست خيال أو أساطير. لقد أراد الله في العهد القديم أن يمر الإنسان بكثير من الأحداث حتى يستطيع الإنسان أن يتعرف على صفات الله وصفات الكائنات الروحية من خلال هذه الأحداث. أما في العهد الجديد فلا يحتاج الانسان أن يمر بمثل هذه الأحداث لكي يتعرف على صفات الله فقد أصبح قادر على التعرف على طبيعة الله من خلال روح الله الذي يسكن فيه. وكما أن الإنسان لا يعرف أسراره ودواخله إلا روحه الساكن فيه كذلك الله لا يمكن لأحد أن يدرك طبيعته إلا من خلال روحه الذي سمح أن تسكن في الإنسان. وقد وضح الكتاب المقدس هذه الحقيقة فيقول معلمنا يوحنا أننا لا نحتاج أن نتعلم من أحد لأن الروح القدس هو الذي يعلمنا كل شيء (١يو٢: ٢٧)، ولكن معلمنا بولس الرسول يقول أن الله جعل في الكنيسة معلمين ورسل (١كو١٢: ٢٨)، فهل معلمنا يوحنا بذلك يهدم حياة التلمذة والتعليم؟ بالطبع لا، ولكنه يقصد هنا أن طريقة التعليم من خلال الأحداث ماعادت قائمة لأنها لا تناسب الإنسان فقد سكن روح الله في الإنسان ولا يحتاج أن يتعلم الإنسان من خلال الأحداث. ولكن للأسف وبعد أن وصل الإنسان إلى مرحلة النضج الروحي وتعدى مرحلة الطفولة الروحية أصبح ينظر إلى هذه الأحداث كأنها أساطير، تمامًا مثل الطفل الذي كان يعلمه أبوه بعض الأشياء بطريقة تتناسب مع طفولته ولما كبر وصار شاب أصبح ينظر إلى هذه الأشياء كأنها خرافات. وفي حديث الحية مع أمنا حواء لم تكن الحية هي التي تتكلم ولكن الشيطان دخل في هذه الحية وأصبح يتكلم من خلالها وعلى لسانها. وقد عاقب الله الحية لأنها كانت الأداة التى إستخدمها الشيطان في خداعه. وهنا يستطيع الإنسان أن يتعرف على صفات الشيطان من مكر وخداع، ويتعرف على قداسة الله الذي يعاقب حتى الأداة التى يستخدمها الشيطان، وبهذا يتعلم الإنسان أن لا يكون أداة في يد الشيطان. وفي قصة كلام حمار بلعام يتعلم الإنسان أن الله له السيطرة على كل شيء حتى على مملكة الحيوان. فالله بسلطانه جعل الحيوان يتكلم. ويتعلم الإنسان أيضًا أن الله يحذره من الشر بطرق واضحة إعجازية لا تقبل الشك، فقد جعل الحمار يتكلم لكي يحذر بلعام من هذا الشر العظيم. ونقرأ أيضًا أن الله أمر الحوت لكي يبتلع يونان وذلك ليحذره من خطورة عصيانه والإبتعاد عنه. والكتاب المقدس يعلمنا أيضًا أن الله له سلطان على النبات (مت٢١: ١٩)، وعلى الرياح والبحر أيضًا (مر٤: ٣٨).