رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
معنى نداء الكنيسة لنصم عن كل شرّ
ما بين صوم المبتدئين وصوم المتقدمين في الإيمان وما معنى نداء الكنيسة لنصم عن كل شرّ يحسن بنا، يا أحباء الله المدعوين للقداسة التي بدونها لا يُعاين أحد الرب،أن نتعمق في صومنا لنفرق – في هذه الفترة – ما بين كلام البنيان المقدَّم للأطفال في طريق الحياة من أجل نموهم السليم، وبين كلام البنيان المُقدَّم لرجال الإيمان لاستمرارهم في الطريق وثباتهم أمناء للنهاية، لأنه ينبغي أن نُلاحظ أنفسنا والتعليم وكل واحد يأخذ حسب حاجته الخاصة في المرحلة التي يمر بها، لأن الكنيسة الحية بالإيمان والممتلئة بنعمة الله تُقدِّم لنا دائماً – بإلهام الروح القدس – كل ما يساهم في إنارة نفوسنا. فهناك فرق كبير بين تعليم المبتدئين وبين تعليم المتقدمين،ففي صوم المبتدئين تقول لنصم عن كل شرّ ونتجنب الإثم، وللمتقدمين لنصم حسناً لنصم بتقوى، أما الرجال في الإيمان تدعو للبذل بالنية وحياة النسك. فالمبتدئيحتاج يعرف كيفية تنقية القلب والخروج من حياة الشرّ بالتمام ليتقبل الأسرار الإلهية وينمو في النعمة، لأن من المهم ان يعرف كيف ينتصر على ذاته ولا يحقق رغباتها، لذلك (الكنيسة الممثلة في معلميها الأتقياء) تقدِّم له كل ما يتناسب مع حالته وتقول لنصم عن كل شرّ، وهذه هي الدرجة الأولية للصوم. أما بعدما ينجح في التغلب على الشرّالمدفون في القلب حسب أعمال الإنسان العتيق ويعرف كيف يصلب الجسد مع الأهواء والشهوات وينتصر على الخطايا التي تؤرق حياته وتعطل مسيرته فأنه يرتقي لتعليم آخر حسب الحالة الجديدة التي يمر بها وهي مرحلة المتقدمين. فالمتقدِّم تقول لهُ:لنصم حسناً أي باستقامة ولنصم بتقوى، أي مخافة الله ومهابته لسماع مشيئته وتتميمها حسب ما يقدم من وصية بالروح القدس ويكلم بها الإنسان في قلبه، فصوم التقوى هو درجة المتقدمين في حياة البرّ، بالرغم من ان الملاح الخاصة به موجودة أيضاً عند المبتدئين، لكنه ليس مثل المتقدمين الذين امتلئوا بالتقوى، لأن المبتدئ عنده فرح الطفولة، فهو يحب أبيه لكن أحياناً بسبب الدالة الطفولية فأنه يتسرع ويركض هنا وهناك ومن السهل أن يسقط لأنه لم يفهم بعد ولم تستقم مسيرته ولم يتحمل المسئولية لأنه ما زال طفلاً يتعلم كيف يسير ويضبط مسيرته وما زال يستند على يد أبيه من حين لآخر، لكن متى تعلم المشي واستقام في المسيرة يبدأ أن ينمو والأب يترك يده قليلاً قليلاً لكي يتعلم كيف يسير دون أن يمسك به أحد مع ملاحظته الشديدة، لأنه سيدخل في مرحلة شركة أعظم مما سبق بينه وبين أبيه الصالح، وهي مرحلة التقوى، التي فيها يتعلَّم كيف يحترم والده ويوقره جداً ويحفظ حياته من الحيدان عن أقل شيء يعكر صفو علاقته مع أبيه لأنه يُريد أن يفعل كل ما يُرضيه، وهنا الإنسان يتعلَّم ما هي مشيئة الله ليُنفذها كما هي دون أن يُخالفها، فصومه كله صوم التقوى وفيه يغوص في الصلاة طالباً مشيئة الله تُستعلن لهُ، لكي تتم في حياته على الأرض، لأن صلاته المشتركة مع الجميع: لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض. أما المرحلة التي تليها هي بذل الذات والنسك،أي ومعك لا أُريد شيئاً في الأرض، فالصوم هنا صوم إخلاء وترك كل شيء مهما ما كان صالح ولا تشوبه شائبة، لكنه إفراغ النفس من كل شيء للامتلاء من الله والدخول في سرّ الحضرة الإلهية لمعاينة ورؤية النور، نور وجه الله الحي، وفي هذا الصوم يخرج محملاً من بركات لقاء خاص وشخصي جداً مع الله، ويشع نور خاص من داخله. فهذه هي المراحل (باختصار شديد دون تفاصيل) التي نمر بها في الصوملنبلغ قوة الشركة في عمق معناها الروحي واللاهوتي، لذلك فأن نداء الصوم يختلف من مرحلة لأُخرى، وقد كتبت هذا الموضوع بسبب السؤال الذي يقول: لماذا الكنيسة تنادي بالصوم عن كل شرّ، مع أن المفروض تكون حياتنا المسيحية خالية من كل شر، لأنه ليس منطقياً أن ندعو الناس في الصوم أن تكف عن الشرّ وتتجنب الإثم، لأن هل معنى ذلك أن الفطار يكون على الشر والإثم، مع أن نداء الكنيسة للمبتدئين لكي ينسلخوا داخلياً من إنسانيتهم العتيقة ليعرفوا كيف يحيوا بالجديدة. فبسبب التعثر وعدم فهم درجات الصومما بين المبتدئ والمتقدم في الطريق وضعت باختصار شديد الفرق بين ثلاثة درجات، التي قد تتداخل مع بعض الناس وقد تتواصل مع بعضها البعض، لكن هذا هو معنى نداء الكنيسة للمبتدئين في الطريق لكي يدخلوا في سر النصرة التي ستستمر معهم على مدى حياتهم كلها أن كانوا أمناء فيما نالوه من نعمة. |
|