زواج هز عرش «الملك فاروق» قرر بسببه حرمان أخته من لقب «الأميرة»
لم تكن الأمور هادئة في قصر الملك فاروق فمشكلات الأم والشقيقات وحتى زوجته لم تتوقف وربما انتهت أغلب تلك العلاقات بالفشل، فغادرت والدته مصر وتزوجت أما هو فانفصل عن زوجته وكذلك شقيقته الأميرة فوزية، لكن تبقى القضية الأكثر اشتعالًا في قصر الرئاسة كانت زواج الأميرة فتحية.
في كتاب «البرنسيسة والأفندي» تحدث الكاتب والمؤرخ صلاح عيسي عن قصة زواج الأميرة فتحية التي تسببت في أزمة كبيرة كان ذلك عام 1950 هزت عرش الملك فاروق وقتها، فالزوجة شقيقته مسلمة بينما الزوج مسيحي وهذا جانب ديني الأمر الأخر أنها أميرة بينما هو كل مؤهلاته موظف اختارته الملكة نازلي سكرتيرًا خاصًا ومستشار سياسي لها.
يقول عيسى: «تلقى الملك فاروق خبر اعتزام الزواج بصدمة كبيرة، وارتفعت نافورة غضبه الغاضبة أصلا على والدته الملكة نازلى التى كانت مقيمة فى أمريكا مع ابنتها وشقيقته فتحية والأميرة فائزة، وهناك وافقت على تزويج فتحية من رياض غالى «المسيحى».
ويضيف عيسي: «كان الخبر كفيلا بالتهييج والتحريض والغضب على أكثر من وجه شمل إلى جانب الصحف، المؤسسات الرسمية والشعبية من برلمان وأحزاب وأزهر وكنيسة وغيرها، ومن بين كل هؤلاء احتل مجلس البلاط أهمية كبرى فى المواجهة نظرا لأنه كان بمثابة محكمة تتولى دون غيرها كل اختصاصات القضاء المدنى والقضاء الشرعى والمجالس الحسبية فيما يتعلق بالأمراء والأميرات والنبيلات وأعضاء الأسرة المالكة، ومن هذه الخلفية رفع الملك فاروق القضية إلى المجلس لاتخاذ قرار بشأنها وعقد المجلس اجتماعه يوم 16 مايو 1950 لمناقشة ما جاء فى مذكرة الملك».
وتابع عيسيى نصت مذكرة الملك على سافرت والدتنا (نازلى) فى صيف 1946 إلى الخارج للمعالجة، واصطحبت معها شقيقتنا «فائقة» و«فتحية»، ويقمن جميعا الآن فى أمريكا ولطول إقامتهن بعيدا عنا، ولصغر سن شقيقتينا ولحالة والدتنا المرضية والنفسية، فقد وقعن جميعا فى شراك بعض من يتصلون بهن، وقد دعوتهن مرارا للعودة بعد إتمام العلاج فلم يذعن، وكان من نتيجة ذلك كله، أنها أتمت والدتنا زواج شقيقتنا «فتحية» التى لم تبلغ سن الرشد ولا تزال تحت وصايتها، بمن يدعى رياض غالى المسيحي الديانة، والذي تقول والدتنا إنه سيشهر إسلامه قبل الزواج، وقد دلت التحريات على سوء سيرته وما أن علمنا بهذا الاعتزام حتى بذلنا المساعى المشار إليها لتلافى هذا الزواج قبل وقوعه».
ويكمل عيسى: «من يوم سفر والدتنا وشقيقتينا من مصر بلغ مقدار ما صرف إليهن من النقود مبلغ 483.831 جنيها صرف من ذلك مبلغ 178,667 جنيها لحساب والدتنا عن طريق نظارة خاصتنا، ومبلغ 130.000 لحسابها أيضا، عن طريق وكيلها «إلهامى حسين باشا» 174.741 جنيها لحساب شقيقتينا مناصفة بينهما، وعلمنا أن من المبالغ التى صرفت إليهن أودع مبلغ 37,750 جنيها فى البنك الأهلي بمصر لحساب رياض غالي أفندي، وبذلك أصبحت أموالهن عرضة للضياع، ومن أجل ذلك كله، نود أن نقف على ما يشير به المجلس من إجراءات أولا: نحو زواج شقيقتنا «فتحية» من رياض غالى أفندى، ثانيا: نحو والدتنا وشقيقتنا «فتحية وأموالها».
وتابع عيسي: «بعد مناقشة مذكرة الملك لتزيد من اشتعال الموقف بين كل الأطراف، وقبل تناول ذلك يستعرض صلاح عيسى تلك القرارات، التي جاءت على النحو التالى: من حيث إن زواج المسلمة من غير مسلم باطل بطلانا أصليا، ولا يترتب عليه أثر من آثار الزوجية طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية، ومن حيث إنه إذا أسلم شخص فعلا وتزوج بمسلمة عريقة فى الإسلام فإن هذا العقد إذا حصل بغير رضا الولي لا يصح، ولذلك قرر المجلس التفريق فورا بين حضرة صاحبة السمو الملكى الأميرة «فتحية» وبين رياض غالى أفندى».
ويستكمل عيسى باقي الإجراءات: «قرر المجلس منع حضرة صاحبة الجلالة الملكة نازلي من التصرف فى أموالها، وتعيين حضرة صاحب السعادة نجيب سالم باشا، ناظر خاصة جلالة الملك، مديرا مؤقتا على جميع أموالها إلى أن يفصل فى طلب الحجر كما قرر المجلس وقف حضرة صاحبة الجلالة الملكة نازلي عن أعمال الوصاية على حضرة صاحبة السمو الملكى الأميرة فتحية، وتعيين سعادة نجيب سالم باشا وصيا مؤقتا لإدارة أموالها إلى أن يفصل فى طلب عزل صاحب الجلالة الملكة نازلي عن الوصاية».
وتابعت القرارات: «أبدى المجلس رغبته فى أن تعود حضرة صاحبة السمو الملكى الأميرة فائقة إلى مصر فورا، فإن لم تفعل يشر المجلس بالنظر فى أمرها».
وعلى إثر قرارات البلاط الملكى قرر الملك فاروق حرمان شقيقته فتحية من لقب الإمارة وما يتبع ذلك من حقوق ومزايا، بالإضافة إلى شطب اسمها من كشف أسماء الأميرات المدرجات فى الوقائع المصرية.