هذا ما تمنّاه البابا من الكهنة هل يحافظوا عليه؟
أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في قاعة بولس السادس بالفاتيكان واستهلّ تعليمه الأسبوعي بالقول خلال مسيرة التّعليم حول الإحتفال الإفخارستيّ، رأينا أنَّ فعل التّوبة يساعدنا على التجرّد من إدعاءاتنا وعلى المثول أمام الله كما نحن حقًّا، مدركين أنّنا خطأة، مترجِّين أن يُغفر لنا. وتحديدًا من اللقاء بين البؤس البشريّ والرّحمة الإلهيّة يولد الإمتنان الذي يُعبَّر عنه في نشيد “المجد لله”، “نشيد قديم وجليل من خلاله الكنيسة المجتمعة بالرّوح القدس تمجّد وتتضرّع إلى الله الآب والحمل”.
تابع الأب الأقدس يقول تستخدم بداية هذه الترنيمة – المجد للّه في العلى. وعلى الأرض السّلام – نشيد الملائكة عند ولادة يسوع في بيت لحم، إعلان فرح لعناق الأرض والسّماء. هذا النّشيد يشملنا نحن أيضًا المجتمعين في الصّلاة: “المجد للّه في العلى. وعلى الأرض السّلام، للناس الذين بهم المسرّة”. بعد نشيد “المجد لله”، أو عندما لا يُتلى، وفورًا بعد فعل التّوبة تأخذ الصّلاة شكلاً مميّزاً من خلال “صلاة الجماعة” التي من خلالها يتمُّ التّعبير عن الطّابع الخاصّ بالإحتفال والذي يتغيَّر بحسب الأيّام وأزمنة السّنة (راجع المرجع نفسه، عدد ٥٤). من خلال الدعوة: “لنُصلِّ”، يحثُّ الكاهن الشّعب ليقف معه في لحظة صمت لكي يُدرك أنّه في حضرة الله وليرفع كلّ واحد في قلبه نواياه الشخصيّة التي من خلالها يشارك في القدّاس (راجع المرجع نفسه، عدد ٥٤). يقول الكاهن “لنُصلِّ”، ثمّ تأتي برهة صمت يفكِّر خلالها كل شخص بالأمور التي يحتاج إليها وبما يريد أن يطلبه بالصلاة.
تابع الحبر الأعظم يقول لا يقتصر الصّمت على غياب الكلمات، وإنّما على الاستعداد للإصغاء لأصوات أخرى: لصوت قلبنا وبالأخصِّ لصوت الرّوح القدس. في الليتورجيّة تتعلَّق طبيعة الصّمت المقدَّس باللّحظة التي يتمُّ فيها: “فمن خلال فعل التّوبة وبعد الدّعوة للصّلاة يساعد الصمت على التركيز؛ بعد القراءة أو بعد العظة يشكّل دعوة للتأمّل لفترة قصيرة بما سمعناه؛ بعد المناولة يعزِّز الصمت صّلاة للتسبيح والتوسل الداخليّة” (المرجع نفسه، عدد ٤٥). إذًا قبل صلاة البدء يساعدنا الصّمت للعودة إلى أنفسنا والتفكير بسبب وجودنا في القداس. هذه هي أهميّة الإصغاء إلى ذواتنا لنفتحها بعدها على الربّ.
أضاف البابا فرنسيس يقول ربّما نعيش مرحلة تعب أو فرح أو ألم ونريد أن نخبر الربّ عنها ونطلب مساعدته وقربه؛ أو لدينا أقارب أو أصدقاء مرضى أو يعيشون محنًا صعبة؛ أو نرغب في أن نكل إلى الله مصير الكنيسة والعالم. هذا هو هدف برهة الصّمت القصيرة التي يجمع فيها الكاهن نوايا الجميع قبل أن يرفع إلى الله بصوت عال وباسم الجميع الصّلاة الجماعيّة التي تختتم طقوس الإفتتاح إذ يجمع النوايا الفرديّة. أتمنّى على الكهنة أن يحافظوا على وقت الصمت هذا وألا يسرعوا، فيقوموا بوقفة صمت بعد الدعوة “لنُصلِّ”. أتمنّى هذا على الكهنة، لأنّنا بدون هذا الصمت قد نهمل الإختلاء بالذات.
تابع الأب الأقدس يقول يتلو الكاهن “صلاة الجماعة” هذه باسطًا ذراعيه: إنّه موقف المُصلّي والذي استخدمه المسيحيّون منذ العصور الأولى – كما تشهد الرّسوم الجداريّة في الدياميس الرومانيّة – للتشبُّه بالمسيح الباسط ذراعيه على خشبة الصّليب. وهنا يكون المسيح المُصلّي والصّلاة معًا! في المصلوب نرى الكاهن الذي يقدِّم لله العبادة المقبولة لديه أي الطّاعة البنويّة.
وختم الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول إنّ الصّلوات في الطّقس الرومانيّ مُختصرة ولكنّها غنيّة بالمعاني، وبالتالي يمكننا أن نقوم بتأملات جميلة حول هذه الصلوات! إنّ العودة للتأمُّل في النّصوص حتى خارج القدّاس يمكنها أن تساعدنا على تعلُّم كيفيّة التوجّه إلى الله، ماذا نطلب وأيّة كلمات نستعمل. لتصبح الليتورجيّة بالنّسبة لنا جميعًا مدرسة حقيقيّة للصّلاة.