رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرجاء عظة الأربعاء 23 فبراير 2011 + كلمتكم في الأسبوع الماضي عن السلام، وسأكلمكم اليوم عن موضوع مرتبط بالسلام وهو: موضوع الرجاء. المقصود بالرجاء: رجاؤنا في الله الذي يرعانا ويعيننا ويحفظنا، وبهذا الشكل نحيا في السلام. ليس فقط في سلام بل في فرح لأن الكتاب يقول: "فَرِحِينَ فِي الرَّجَاءِ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 12: 12). والرجاء من أعظم ثلاث فضائل قال عنها الرسول وهي: الإيمان، الرجاء، المحبة. الله يحبنا أكثر مما نحب أنفسنا ويعرف صالحنا أكثر مما نعرفه: بهذا الرجاء يعيش الإنسان يتوقع خيراً باستمرار. الرجاء في أن الله يعمل خيراً. ويقول الناس عن الإنسان الذي لديه رجاء أنه متفائل لأنه يتوقع الخير. ويتوقع الخير بتدخل الله في حياته، لأن الله يحبنا أكثر مما نحب نحن أنفسنا، فنحن أحيانا تكون محبتنا لأنفسنا محبة ضارة مرتبطة بشهوة تحطمنا. والله هو الذي يعرف ما هو الخير لنا أكثر مما نعرف نحن. لأنه من الجائز أن يكون الخير الذي تعرفه أنت في منطقة محددة. ولكن الله يريد لك خيراً أكثر. أعرف شخص قال لي: أنا كنت قد تقدمت لوظيفة وصليت ألف "أبانا الذي..."، ولم أُقْبَل في هذه الوظيفة. وبعد ذلك دبر الله لي وظيفة أخرى أفضل. واكتشفت بعد ذلك أني لو كنت قد قَبلت في الوظيفة الأولى كنت سأتعب. فالله يعرف الخير لنا أفضل مما نعرف نحن الخير لأنفسنا. نحيا في رجاء لأن حياتنا في يد الله وحده: لكي نحيا في رجاء لابد أن نعرف أن حياتنا في يد الله وحده، وليست في أيدي الناس، وليست في أيدي الأحداث، وليست في يد الشيطان. وكذلك حياة العالم كله. لذلك الإنسان الذي لديه رجاء في الله لديه رجاء أن الله سيدبر حياته أحسن تدبير، وأن حياته في يد الله المملوءة حناناً وعطفاً و حنواً وشفقة. بالرجاء نؤمن أن الضيقة لابد تنتهي: عندما نواجه ضيقة علينا أن نتمسك بالرجاء في أن هذه الضيقة ستنتهي. وستنتهي لأن عندنا رجاء في الله الذي قال : "تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ" (إنجيل متى 11: 28). فهذا رجاء أن الله عينه دائماً علينا ويقول لكل من له حمل ثقيل "تعالى أريحك من حملك"، رجاء في الله الذي يحل المشاكل، ويحول الشر إلى خير. إيماننا بأن الله دائم العمل لخيرنا يبعث فينا الرجاء: أحياناً الناس في الرجاء يقولون: "ربنا سيعمل خير"، ولكن هناك عبارة أعمق هي "أن الله يعمل الخير الآن وليس في المستقبل بل الله دائم العمل من أجل خيرنا". وفيما أنت مضطرب وقلق يعمل الله من أجل خيرك ولكنك لا ترى ذلك ولكنك ستعرف ذلك فيما بعد. أي أننا لا نرى عمل الله في حينه ولكننا نؤمن أنه يعمل. المشكلة في عيوننا التي لا تبصر وليس الله هو الذي لا يعمل. ثم أن البعض يقول: "عندنا رجاء أن الله سيستجيب لطلباتنا" ولكن الحقيقة أن الله يعطينا دون أن نطلب بل فوق ما نطلب. بالرجاء نعيش في سلام: الرجاء والثقة والإيمان بالله تجعل الإنسان يحيا في سلام، ويقول في نفسه: "ماذا سيحدث؟! لا شيء". قد تقول لي هناك أعداء كثيرون محيطين بي، ولكن داود يقول: "إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي" (سفر المزامير 23: 4)، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. نحن في الرجاء نثق في حكمة الله التي لا تدرك، ونؤمن بتدبيره الحكيم. نثق في الله من واقع تاريخه القديم معنا. تذكر حسنات الله يبعث فينا الرجاء: ليت كل واحد منا يجلس مع نفسه ويتذكر الحاجات الكثيرة التي ساعده الله فيها. والتي ساعد فيها الله الذين حوله فيها. يسجلها. وكما يقول المزمور "بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ" (سفر المزامير 103: 2). إن تذكرت حسنات الله ليك في الماضي يكون عندك رجاء أن تنال نفس الحسنات في المستقبل، وكذلك بالنسبة لحسنات الله للذين حولك وللبلد. قراءة سير القديسين تبعث فينا الرجاء: يأتينا الرجاء أيضاً في معونة الله إن قرأنا سير القديسين وما فعله الله معهم، وكيف أمسك بحياتهم و قادهم بكل حنان و عطف. كما ورد في الإصحاح الأول من سفر ارميا النبي: "فَيُحَارِبُونَكَ وَلاَ يَقْدِرُونَ عَلَيْكَ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ، لأُنْقِذَكَ" (سفر إرميا 1: 19). الإيمان بقدرة الله تبعث فينا الرجاء: يكون لنا رجاء في الرب إن تأكدنا تماماً أنه قادر على كل شيء، وغير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله. ونثق أن الله يفتح ولا أحد يغلق، وكل باب مغلق يوجد عند الله له مائة مفتاح وليس مفتاح واحد فقط، بل الله يملك "master key" أي قادر على فتح أي باب. فكلما تجد باباً مغلقاً، تطلب يد الله فهو الفتاح الكريم وتؤمن أن الله هو الذي سيفتحه. الإيمان بأن الله صانع الخيرات يبعث فينا الرجاء: نحن لنا رجاء في الله لأنه صانع الخيرات، وعندما أقول صانع الخيرات أقصد الخيرات بالمفهوم الإلهي وليس بمفاهيمنا البشرية. المفهوم البشري أن الله يساعدنا حتى لو كنا مخطئين. بينما الله صانع الخيرات بالمفهوم الإلهي. نحن نثق في الله وفي مواعيده، وأنه كما قيل عنه في الكتاب أنه: "كان يجول يصنع خيراً". يجول يصنع خيراً كما كلم موسى قائلاً: "أنا نظرت إلى مذلة شعبي" ونص الآية "إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَذَلَّةَ شَعْبِي الَّذِي فِي مِصْرَ وَسَمِعْتُ صُرَاخَهُمْ مِنْ أَجْلِ مُسَخِّرِيهِمْ. إِنِّي عَلِمْتُ أَوْجَاعَهُمْ" (سفر الخروج 3: 7). بالرغم من أن هذا الشعب لم يطلب شيئاً ولم يصلي من أجل أن ينقذهم، لكن الله في سمائه نظر إلى من هم يعيشون في مذلة وأراد أن ينزل ليخلصهم، دون أن يطلبوا ذلك. الله يحفظنا من الأخطار الظاهرة والخفية عن أعيننا: ونثق أن الله ليس فقط يحمينا من أي خطر ظاهر، إنما أيضاً من الأخطار التي لا نعرفها لكنها مكشوفة أمامه، لا تظن أن الله ستر عليك في الأخطار التي تعرفها فقط بل هناك العديد من المشاكل يمنعها الله قبل أن تصل إليك، وأنت لا تعلم عنها شيئاً. لذلك نحن نشكر الله على الخفيات و الظاهرات، الخفيات التي لا نعرفها والظاهرات التي نعرفها. الله لديه حلول كثيرة لكل مشكلة (حلول لا تخطر على أذهاننا): وإذا جاءتك مشكلة، لا تقف أمام الله وتفرض عليه حلول معينة، لأن الله قد يكون لديه حل لا يخطر لك على بال وهو أفضل لك من كل الحلول التي تقترحها. بالرجاء ننتظر أن نرى عمل الرب الذي قد يكون غائباً عن أعيننا: نحن يا أخوتي بالرجاء نثق بالرب ولذلك ننتظره, ونحن لا ننتظره لكي يرحمنا فقط، لكن المزمور يقول: "أَرِنَا يَا رَبُّ رَحْمَتَكَ، وَأَعْطِنَا خَلاَصَكَ" (سفر المزامير 85: 7)، أي أنا أعرف يا رب أنك تعمل عمل رحمة لكن أكشفها لي حتى أراها. كما حدث في أيام أليشع حيث كانت المدينة محاطة بجنود الأعداء فأرسل الرب ملائكة كثيرين ملأت المكان، وكان جيحزي تلميذ أليشع كان خائفاً، فطلب أليشع من الرب قائلاً: (افتح يا رب عيني الغلام ليرى أن الذين معنا أكثر من الذين علينا...) ونص الآية: "وَصَلَّى أَلِيشَعُ وَقَالَ: «يَا رَبُّ، افْتَحْ عَيْنَيْهِ فَيُبْصِرَ». فَفَتَحَ الرَّبُّ عَيْنَيِ الْغُلاَمِ فَأَبْصَرَ، وَإِذَا الْجَبَلُ مَمْلُوءٌ خَيْلاً وَمَرْكَبَاتِ نَارٍ حَوْلَ أَلِيشَعَ" (سفر الملوك الثاني 6: 17) أي كان الرب يدافع عن المدينة ولكن عيني جيحزي كانتا لا ترى. بالرجاء ننتظر الرب في قوة وعدم خوف: لذلك يقول الكتاب: "انْتَظِرِ الرَّبَّ. لِيَتَشَدَّدْ وَلْيَتَشَجَّعْ قَلْبُكَ، وَانْتَظِرِ الرَّبَّ" (سفر المزامير 27: 14). ولا تنتظر الرب وأنتَ تشك وخائف ومرتجف وتعبان، بل تنتظر الرب وأنت متشدد وشاعر بقوة الرب. تنتظر الرب في قوة دون خوف. والكتاب المقدس يقول: "وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ. يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ" (سفر إشعياء 40: 31). فانتظروا الرب، افردوا أجنحة كالنسور وطيروا ولا تخافوا. هذا هو الرجاء الذي يجعلنا باستمرار واثقين في عمل الله معنا. إن لم يكن عندنا هذا الرجاء فلنطلبه ونقول أعطنا يا رب هذه الفضيلة. |
13 - 05 - 2012, 11:14 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
ربنا ينيح روحة اذكرنا امام عرش النعمة
|
||||
|