ما كتبته هذه المرأة المسلمة عن العذراء مريم
في عيد الميلاد، أرنم أنشودة الطبال الصغير. فلطالما أردتُ أن أكون ذلك الطبال الذي قدم هدية للملك الذي ولد حديثاً ورسم ابتسامة على وجه مريم. وأتذكّر من جديد أنني كلما فكرتُ بمريم، أم يسوع، أُعجبتُ بها أكثر فأكثر.
قصتها ومكانتها في التاريخ لطالما شكلتا مصدر قوة لروحي وحياتي، بخاصة كامرأة وأم. وعلى الرغم من أن فهمي لقصة مريم مستند إلى حديث القرآن عن دورها – سورة بأكملها، سورة مريم – استلهمتُ أيضاً من نساء أخريات لمعرفة قصتها.
بدأت القصة مع حنّة، والدة مريم، التي نذرت أثناء حملها بأن تكرس طفلها غير المولود لله من أجل مصلحة البشرية. هذا التكريس كان يعني آنذاك إرسال الطفل إلى الهيكل ليقيم فيه ويخدمه. وهذا التكريس يذكرنا كنساء بأن مجموع أفكارنا وأعمالنا وإدراكنا أثناء الحمل يؤثر على أحشائنا وما ينمو فيها.
عندما أنجبت حنّة فتاة وليس فتىً، لم تبتعد عن نذرها. أصرّت على أنها كرست الطفل في أحشائها، دون أن تميز بين فتى أو فتاة. فقبل الله تكريسها.
هذا هو الأساس للتخلص من المعايير المزدوجة، وهذا ما يدل على أن الأدوار التي تصب في مصلحة المجتمع أو خدمة الله قابلة لأن تُؤدى من قبل أي شخص مكرس للقيام بها. رأيتُ مثال حنّة في مختلف برامج تمكين المرأة والجهود المتجذرة في آراء تحترم دور مريم وتكرّمه.
أمضت مريم أثناء نموها وقتاً طويلاً في مكان في الهيكل يسمى “المحراب”. كانت تصلي وتتواصل بانتظام مع حضور أسمى من دون وسطاء. كانت تتواصل مباشرة مع الله. أكثر من ذلك، أتخيلها طالبة تتعلم لوحدها. اختارت أن تبتعد عن السياسة والهرمية الاجتماعية وتركز على تحسين نفسها مع التفكير بحلولٍ لما قد يحصل خارج مجالها المقدس.
بعد أن علمت مريم أنها ستحمل طفلاً، استسلمت لمصيرها بعد أن عرفت من جبرائيل أنها مشيئة الخالق. كانت تتحلى بإيمان لا يتزعزع. لكنها عند المخاض، تمنت لو أنها ماتت. فقد كان ألمها كبيراً. وكثيرات منا هتفن أثناء الولادة بشتى أنواع الابتهالات. ابتهالها يذكرنا بأنه من المقبول حتى للشخص الذي نال نعمة الله وبركاته أن يتساءل إذا كان ما دُعي إليه ممكناً جسدياً أو ذهنياً أو عاطفياً.
رداً على صرخات ألمها أثناء الولادة، تلقت مريم وحياً، حسبما يرد في القرآن، لكي تتشبث بجذع شجرة نخيل قريبة. طُلب منها تناول التمر وشرب الماء من الجدول القريب للحفاظ على قوتها. هذه المجموعة من الإرشادات تؤكد لي أن الصلاة مهمة وأن الحلول مرتبطة بأعمالنا وتحمل مسؤولية وضعنا. كان من الممكن أن يزول ألمها بسهولة استجابةً لصلواتها، أو ربما لم يكن الألم ضرورياً بما أنها كانت تحت رعاية إلهية. لكن العبرة هنا بالنسبة لي هي أن نفهم ما نستطيع التحكم به، والمعلومات المفيدة التي يجب أن تكون في متناولنا، والطريقة التي تحدث بها أعمالنا فرقاً. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يفهم الرجال والنساء على حد سواء أن تجربة الولادة عملية صعبة، حتى لأم يسوع.
لا ينتهي دور مريم عند ولادة يسوع. تكمل حياتها كمؤمنة ورعة ومعلمة متفانية تنقل لابنها قيمة التعاطف وقدرة الصلاة. وأصبح يسوع بعد أن تعلم طوال ثلاثين عاماً من أمه، المسيح الذي علم بنفسه مبدأي المساواة والعدالة من أجل خدمة الفقراء ومساعدة المظلومين.
ما يرويه الكتاب المقدس والقرآن عن مريم مؤثر بالنسبة لي لأن مريم تعلّمني أهمية المثابرة والصبر.