الغياب العاطفي للآباء على أبنائهم

[walaa farouk]

كيف يؤثر الغياب العاطفي للآباء على أبنائهم !؟


طفل حزين ولا أحد من والديه يسأله "مالك؟"، طفل لم يسأله والداه أبدًا "عاوز إيه؟ أو نفسك في إيه؟ أو تحب إيه؟"، طفل خائف أو غاضب أو مشاعره مجروحة يتم اتهامه بأنه سئ… هذه بعض الأمور البسيطة العظيمة -في آن واحد- التي يغفلها آباء كثيرون إذ يظنون أنهم قد أدوا واجبهم نحو أبنائهم عندما يوفرون لهم المأكل والمشرب والملبس والتعليم والتمارين الرياضية بالنادي، وهي أشياء هامة لا نقلل منها، ولكنها جزء من واجب الآباء تجاه أبنائهم حيث هناك بالإضافة إليها شئ لا يقل أهمية -إن لم يكن يزيد أهمية- وهو التواجد العاطفي للآباء في حياة الأبناء. إن الآباء الذين يعانون من نقص الذكاء العاطفي (أي القدرة على تمييز المشاعر والتعبير عنها والتعامل معها) يكونون حاضرون في حياة أبنائهم بأجسادهم وعقولهم ولكن قلوبهم تكون غائبة حيث يفشلون في الاستجابة بشكل كافٍ لاحتياجات أبنائهم العاطفية. وخطورة الإهمال العاطفي في الطفولة أنه ليس حدثًا بارزًا يمكن ملاحظته ولكنه نمط حياة وأسلوب في التعامل يترك أثره على شخصية الأبناء دون القدرة على ملاحظة أو تحديد السبب الحقيقي.

ولذلك نبدأ بتوضيح مظاهر الغياب العاطفي للآباء من حياة أطفالهم:

1. لا يتكلمون لغة المشاعر: حيث لم يتعلموا التعرف على مشاعرهم من الأساس، لذا -وعلى سبيل المثال- عندما كنت تعود من المدرسة حزينًا لم يكونوا يقولون لك "شكلك متضايق يا حبيبي، إيه اللي حصل في المدرسة النهارده؟"، كانوا يقولون "عملت إيه في المدرسة النهارده؟" وعند وفاة أحد أفراد العائلة يتصرفون وكأن الحدث بسيط. المشاعر ليس لها مكان في البيت ولا يتم التعبير عنها.
2. لم يتعلموا إدارة مشاعرهم، وبالتالي لم يعلموك كيف تفعل ذلك: ولذلك عندما كانت تحدث مشكلة بينك وبين معلمك كانوا يوبخونك وينهرونك أو يلقون بكل اللوم على معلمك، بدلًا من أن يناقشوك في الأسباب التي دفعتك للتصرف بهذا الأسلوب غير اللائق ويعلموك ماذا كان يمكنك أن تفعل.
3. يعطونك رسائل خاطئة عن نفسك وعن العالم من خلال كلماتهم وسلوكياتهم لأنهم لا يفهمون المشاعر: فمثلًا يرونك كسولًا لأنهم لم يلاحظوا أن خوفك من الفشل هو الذي يمنعك من القيام بما ينبغي عليك القيام به.
4. لا يظهرون تقديرهم لمشاعر أبنائهم واهتماماتهم: فيسخرون منها، أو لا يظهرون اهتمامهم بها أو يشاركونهم فيها بالسؤال أو المناقشة أو حضور المناسبات الهامة الخاصة بهم.

ولا شك أن هذه الممارسات تترك أثرها في شخصيات الأبناء حتى عندما يصيرون بالغين حتى يقرروا سلوك طريق التعافي فيخففوا من الندبات التي تركها الماضي بأرواحهم.

فما هي أضرار الإهمال العاطفي للآباء على شخصيات الأبناء؟

1. يتعلم هؤلاء الأبناء منذ طفولتهم أن مشاعرهم غير مهمة وغير مقبولة، فيكبتونها بحيث لا يلحظها الآخرون ولا حتى يدركونها هم.
2. لا يعرفون كيف يعبرون عن مشاعرهم، ولا كيف يتعايشون معها أو يديرونها، ولا كيف يتعاملون مع المواقف الصعبة.
3. يدخلون عالم البالغين بصورة مشوهة عن أنفسهم وأصوات داخلية تتهمهم طوال الوقت بالكسل والغباء والقبح...الخ.
4. يجدون صعوبة في مسامحة أنفسهم عندما يرتكبون أخطاء
5. يجدون صعوبة في تحفيز أنفسهم ومواجهة التحديات.
6. يشعرون معظم الوقت بالخواء والوحدة وانعدام القيمة.
7. يقيمون وزنًا زائدًا للناس ويرون أنفسهم من خلال عيون الآخرين.

والآن، إذا كنت تربيت بين والدين غائبين وجدانيًا فربما تتساءل: هل مضى الوقت لتصحيح ما فات؟ والإجابة: لا، ليس الوقت متأخرًا أبدًا.

فكيف تتعافى من الغياب العاطفي لأبويك في طفولتك؟

1. نمِّ ذكاءك الوجداني: اكتب مشاعرك عدة مرات في اليوم، مجتهدًا في وصفها بدقة، ثم ابحث عن كل التفسيرات المحتملة لتصرفات الآخرين حتى تحد من اندفاعك وراء مشاعرك، وبناء عليه قرر التصرف المناسب. تأمل كيف أثرت الطريقة الجديدة في سير الأحداث، شجع نفسك على التغيير، وكرر نفس الخطوات. ومع الوقت سيصبح الأمر أسهل.
2. صحح صورتك الذاتية: انتبه إلى ما تقوله لنفسك والأوصاف التي تنعت بها ذاتك، لا تأخذها كمسلمات بل ناقشها بشكل منطقي وواقعي، ربما مستعينًا بصديق أمين متفهم.
3. اطلب المساعدة من مستشار نفسي: قد تجد أنك بحاجة إلى طلب المساعدة المتخصصة، فلا تخجل ولا تتردد.

[Mary Naeem]

قد تجد أنك بحاجة إلى طلب المساعدة المتخصصة، فلا تخجل ولا تتردد
ربنا يباركك

[walaa farouk]

ميرسى على مرورك الغالى