رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل الله يفرح؟ «هُوَذَا فَتَايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ، حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي» (مت12: 18) كي لا نتسرع في الإجابة عن هذا السؤال، علينا أن نفهم أولاً معناه، فنحن هنا أمام سؤالين لا سؤال واحد، وهما: 1. هل الله عنده مشاعر تمكنه أن يشعر بالفرح؟ 2. وإذا كانت إجابة السؤال السابق بنعم؛ فهل هناك أمر ما يمكن أن يجعل الله يفرح؟ ولعلَّ إجابة السؤال الأول واضحة، حيث إن المشاعر التي توجد في الإنسان، بل وحتى في الحيوان، اللذان خلقهما الله، تُبرهن على وجود خالق يتمتع - على الأقل - بمثل هذه المشاعر؛ كما أن الإعلان الذي قدَّمه الله للبشرية وضَّح هذه الحقيقة مرارًا كثيرة عندما نقرأ أن الله يحب (يو3: 16)، ويكره (أم6: 16)، ويحزن (تك6: 6)، ويَغِير (خر20: 5)، ويغضب (مز7: 11)، ويضحك (مز2: 4)، ويُشفق (يونان 4: 11)... إلخ، وهذا ما أكَّده لنا أيضًا ”كلمة الله“، شخص ربنا يسوع المسيح في حياته على أرضنا. إذًا، نعم الله عنده مشاعر. ولكن علينا أن نُفرِّق جيدًا بين مشاعرنا التي تلوَّثت بالخطية، وبين مشاعر الله القدوس. فيمكن لمشاعرنا أن تتدخَّل في حكمنا على الأمور، بل وتحل تمامًا محل البِرِّ والعدل؛ فالإنسان في غضبه - على سبيل المثال - كثيرًا ما يُخطئ في الحكم على الأمور، وفي حجم العقوبة، فلا يصنع بالتالي بر الله (يع1: 20)، بعكس الله تمامًا الذي غضبه على أساس العدل الإلهي وليس على أساس المشاعر. كما أن الله لا يختبر تقلباتنا المزاجية، فهو لا يتغيَّر، وأفعاله تتوقَّف على ثبات شخصه وعلى صدق مقاصده، ووعوده التي بلا ندامة (رو11: 29)، وليس على أساس مشاعره؛ وإلا كان أمر خلاصنا هو المستحيل بعينه! وهذا ما أعلنه الله «لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ فَأَنْتُمْ ... لَمْ تَفْنُوا» (ملا3: 6). وعلى هذا الأساس وعد الرب بعدم هلاك المؤمن (يو10: 28)، بالرغم من إحزاننا المتكرر لروحه (أف4: 30). ولكي نجيب عن السؤال الثاني، دعنا نعطي تعريفًا بسيطًا عن الفرح كما جاء في موسوعة الوكيبيديا (www.wikipedia.org): ”هو حالة عقلية أو عاطفية، تتميَّز بالمشاعر الإيجابية التي تتراوح بين الرضا إلى السعادة الشديدة“. أي أن أولى درجات الفرح هو الشعور بالرضا، وآخره هو الشعور بالسعادة الشديدة. وهنا يأتي التساؤل: ما هو الأمر الذي يتناسب مع إله عظيم غير محدود، كلي القدرة والعلم والحكمة والجبروت حتى يستطيع أن يُفرحه؟! إذا نظرنا للإنسان – تاج خليقة الله - نجد أنه فشل تمامًا في تحقيق هذا القصد، إذ إن أيوب وهو «كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ ... وأَعْظَمَ كُلِّ بَنِي الْمَشْرِقِ»، فشل، لا في إسعاد الله فحسب، بل حتى في إرضائه (أي9: 2، 3). ولا غرابة فإن الرجل «فَارِغٌ عَدِيمُ الْفَهْمِ، وَكَجَحْشِ الْفَرَا يُولَدُ الإِنْسَانُ» (أي11: 12). وهنا يثبت فشل الإنسان في أن يُفرح الله. ولكننا نتفاجأ بهذا الإعلان: «هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي (ولهذا نراه يذكر صفاته). وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ» (إش42: 1-4). وهنا لم يعلن الله رضاه فقط، بل سروره، وهو ما لا ينطبق إلا على ابنه، الرب يسوع المسيح (مت12: 17، 18). ولهذا لا نتعجَّب عندما يُعلن الله بنفسه، مرتين، عن سروره بابنه قائلاً: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ» (مت3: 17؛ 17: 5)؛ فهو الوحيد الذي استطاع أن يصل إلى مطاليب الله. ولكيلا يظل هذا الأمر مقتصرًا على ابنه الوحيد فقط، نرى الله - في غنى نعمته - قصد بأن يجعلنا أبناء لنفسه (أف1: 5)، لنكون «مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ» (رو8: 29). وهذا معناه أنه لكي نُفرح الله يجب - عمليًّا - أن نكون مشابهين للمسيح. ولهذا حزن الرسول بولس بشدة من حال المؤمنين في غلاطية، فعاتبهم قائلاً: «يَا أَوْلاَدِي الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضًا إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ» (غل4: 19). فإذا عرفنا أن سلوكنا يؤثِّر في مشاعر الله، فهذا يجعلنا نهتم جدًّا به، لا لكي نخلص وندخل السماء، لأن هذا الأمر يتوقف - كما سبق وذكرنا - على ثبات مقاصد الله وبره، ولكن لأن رضاه أصبح غايتنا، وسروره هو أقصى أمانينا. • عندما يتقاسم عدد كبير من الناس فرحتهم، فإن فرحة كل فرد ستكون مضاعفة؛ وكأن الكل يضيف وقودًا إلى لهب الآخر. (أغسطينوس) |
06 - 10 - 2017, 07:30 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: هل الله يفرح؟
ميرسى على الموضوع الجميل مرمر ربنا يفرح قلبك |
||||
07 - 10 - 2017, 12:44 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: هل الله يفرح؟
شكرا على المرور |
||||
|