متى العشار
الاسم في العبرية معناه "عطية من يهوه"، وقد كان عشاراً أي جابي ضرائب في مدينة كفرناحوم. وربما بالنسبة لنا اليوم لا تعني الكثير, لكن بالنسبة لليهودي في ذلك الوقت كانت تعني الكثير. لاحظ المفارقه بين الكلمات في الآيات:
(46 لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضاً يَفْعَلُونَ ذَلِكَ؟ 47 وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ فَأَيَّ فَضْلٍ تَصْنَعُونَ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضاً يَفْعَلُونَ هَكَذَا؟) متى5: 46-47
(10 وَبَيْنَمَا هُوَ مُتَّكِئٌ فِي الْبَيْتِ إِذَا عَشَّارُونَ وَخُطَاةٌ كَثِيرُونَ قَدْ جَاءُوا وَاتَّكَأُوا مَعَ يَسُوعَ وَتَلاَمِيذِهِ. 11 فَلَمَّا نَظَرَ الْفَرِّيسِيُّونَ قَالُوا لِتَلاَمِيذِهِ: «لِمَاذَا يَأْكُلُ مُعَلِّمُكُمْ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟») متى9: 10-11.
(31 فَأَيُّ الاِثْنَيْنِ عَمِلَ إِرَادَةَ الأَبِ؟» قَالُوا لَهُ: «الأَوَّلُ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْعَشَّارِينَ وَالزَّوَانِيَ يَسْبِقُونَكُمْ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ) متى21: 31.
فالعشار النسبة لليهودي هو ذلك الانسان الشرير الذي يوضع في صف الزاني والوثني. ومتى كان منهم.
.
*ومن المفارقة ان يدعوه الكتاب ب(لاوي), فهل يعني ذلك انه كان من سبط لاوي. أي انه من عائلة تقية ومن سبط يخدم في الهيكل. هل كان من المتوقع ان يصير متى كاهناً, ولكن ظروف ما قادته ليبتعد عن المرسوم له 180 درجة فيصير عشاراً.
عندما كتب انجيله اقتبس من العهد القديم نحو تسعة وتسعين اقتباساً. ألا يعني هذا ان بدايته كانت طيبة والمستقبل المشرق مع الله كان بانتظاره. ولكن اذ وقع في فخ محبة المال تحول بعيداً عن الله.
ولكن شكرا لله الى الأبد لأن الله لم يتركه, وها هو يكتب لنا كيف تحول رجوعاً إلى الرب (وفيما يسوع مجتازاً من هناك، رأى إنساناً جالساً عند مكان الجباية اسمه متى، فقال له: "اتبعني. فقام وتبعه" (مت 9: 9). لتتم كلمات الحكيم (رَبِّ الْوَلَدَ فِي طَرِيقِهِ فَمَتَى شَاخَ أَيْضاً لاَ يَحِيدُ عَنْهُ.) ام22: 6. وهكذا أصبح متى أحد الاثني عشر رسولاً (مت 10: 2و 3).
وتذكر الأناجيل الثلاثة الأولى أن دعوة الرب لمتى، حدثت بعد شفاء الرجل المفلوج الذي قدموه للرب مطروحاً على فراش.
*وإذ دعاه الرب ملأه الفرح وصنع له ضيافة كبيرة في بيته. والمدعوون كانوا جمعًا كثيرًا من عشارين وآخرين. لقد قطع متى بعد الدعوة كل علاقة له بروما ليقيم بدلاً عنها علاقة جديدة يعرف من خلالها معنى السعادة والفرح الصحيح في يسوع المسيح!
*في القوائم الثلاث بأسماء التلاميذ الاثني عشر (مت 10: 2- 4، مرقس 3: 16- 19، لو 6: 14- 16)، يُذكر اسم "متى"، ولكن متى نفسه يقول: "متى العشار"، فهو يريد على ما يبدوا أن يشيد بنعمه الله التي دعته من هذا العمل البغيض عند الشعب، ليكون رسولاً للرب ينادي بالخلاص للعالم.
*كتب متى "الإنجيل حسب متى"، أول سفر من أسفار العهد الجديد. ومن الأغراض الواضحة في إنجيل متى، إثبات أن يسوع الناصري هو مسيا نبوات العهد القديم.
يسجل لنا متى الموعظة على الجبل. وينفرد بذكر عشرة أمثال ليسوع المسيح، وبالحديث عن مجيء المجوس, والهرب إلى مصر. وسير بطرس على الماء، وخيانة يهوذا وانتحاره، والكثير من الحقائق والتحذيرات الهامة التي وجهها المسيح إلى الآخرين.
متى هو حقاً أحد الأشخاص الذين جاؤوا بقلمهم الى الرب, فاستخدم الله ما عنده ليدون لنا الكتاب الذي فيه نجد خلاصا عظيما هذا مقداره.