أسألوا تعطوا
"اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ. أَمْ أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ إِذَا سَأَلَهُ ابْنُهُ خُبْزاً، يُعْطِيهِ حَجَراً؟ وَإِنْ سَأَلَهُ سَمَكَةً، يُعْطِيهِ حَيَّةً؟ فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلَادَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ. فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً بِهِمْ، لِأَنَّ هذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالْأَنْبِيَاءُ" (متى 7:7-12).
أوصيكم أن تكونوا حكماء مميَّزين في أحاديثكم الدينية، لئلا تعرِّضوا كلامكم للهزء والاحتقار بغير فائدة، فتكونون كمن يعطي المقدس للكلاب ويطرح جواهره أمام الخنازير. لكل مقام مقال، فيجب أن يناسب التعليم المقام الذي يُقدَّم فيه وأحوال السامعين. أؤكد لكم أن الآب السماوي مستعد لاستماع صلواتكم واستجابتها. إن كان الأب البشري وهو خاطئ لا يتأخر عن طلب أولاده، إن كان هذا خيراً لهم، ويُخلِص في ما يمنحه، فكيف يمكن أن يتخلَّى الآب السماوي الكامل عن تضرُّعات طالبيه، أو يهبهم شيئاً ليس هو الخير الحقيقي؟ وأول ما يريد أن يهبه هو الروح القدس للذين يطلبونه.
وأسلمكم أيضاً القاعدة المسمَّاة الذهبية، التي لا يمكن المبالغة في جمالها ومفعولها، فهي تحل المشكلات الأخلاقية للذين يمارسونها، وتُغني عن ألوف الوصايا المفضَّلة لأنها أفضل منها. هذه القاعدة هي: "كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم، افعلوا هكذا أنتم أيضاً بهم. لأن هذا هو الناموس والأنبياء". نعم قد ورد في أقوال القدماء ما يقارب هذا القول، ويظن البعض أن هذه القاعدة تكفي لتحيط بالواجب الديني تماماً. لربما كان زَعْمهم يصحّ لو أنه لا يوجد إله. لكن بما أن اللّه موجود، لا يكون القيام بالواجب نحو الناس إلا القسم الأصغر في الدين، لأن القسم الأعظم هو القيام بالواجب من نحوه تعالى.