رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حيرة يوسف "أَمَّا وِلَادَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ، قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارّاً، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا، أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرّاً. وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الْأُمُورِ، إِذَا مَلَاكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: "يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لَا تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ، لِأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَسَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ، لِأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ". وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ: "هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ" (الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللّهُ مَعَنَا). فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلَاكُ الرَّبِّ، وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ. وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ" (متى 1:18-25). ماذا كان تفكير يوسف خطيب مريم، بعد أن عرف أن خطيبته حامل؟ لسنا نعرف كيف عرف يوسف سِرَّ خطيبته مريم، ولكننا نعلم أنه وقع كما وقعت هي في خوف عظيم بسبب خطورة كلا الأمرين اللذين اضطُرَّ أن يختار بينهما. في حبه الصادق يودُّ من كل قلبه تصديق رواية مريم عن بشارة الملاك، لولا الصعوبة الكلية في ذلك. واختباره صفاتها الممتازة يجعله لا يظن فيها السوء. ولأنها خطيبته يجب أن يحميها بكل قوته من كل كدر وضرر. فلو وقَّع عليها أخف درجات القصاص بتركها جهاراً، وكانت روايتها صادقة، فإنه بذلك يظلمها ظلماً فاحشاً. ثم أيُّ شرفٍ يكون له أن يولد المسيح العظيم في بيته؟ ومن الوجه الآخر لأنه "رجل بار" يحافظ فوق كل شيء على احترام الناموس الإلهي والوصايا المقدسة، والشرف والصيت الحسن، يكون عليه أن يوقِّع على مريم عقاباً بحسب نصوص الشريعة، فما أعظم حيرة يوسف واضطرابه. إلا أنه بعد التروّي الكافي ساقه حبه وشهامته إلى اختيار ألطف درجات القصاص، إذْ قيل إنه "أراد تخليتها سراً". وهنا تدخلت عناية الله الذي لا يغفل عن أصغر الأمور وأحقرها في عالمه الواسع. مرة أخرى نرى اهتمام السماء بأهل الإيمان على الأرض، فقد صدر الأمر الإلهي لأحد الملائكة (لعله جبرائيل) أن يزور يوسف ليلاً، فظهر له في حلم وأعلن له أن الذي حُبل به في مريم هو من الروح القدس، ولذلك فالاقتران بها أوجب من الافتراق عنها. إذاً ما كان يحسبه للآن عاراً عليهما، هو بالحقيقة أعظم فخر لهما. ومثل ذلك كثير من العار الذي يتحمله رجال الله، من الذين يجهلون الحقائق. وكرر الملاك ليوسف ما أوصى به مريم: أن يعطي ابنها، متى وُلد، اسم "يسوع" لأن الحق الأول في تسمية المولود يكون للرجل، فيجب أن يعرف يوسف أيضاً إرادة الله بخصوص هذا الاسم، لكي تتحقق تسمية الصبي بالاسم الذي يعلن وظيفته الخصوصية ويوافقها. واسم يسوع ويشوع اسم واحد، وهو اسم قديم من أكرم الأسماء عند اليهود، ومعناه مخلِّص. فهو أسمى الأسماء البشرية، لأنه يدل على أسمى عمل يُعمَل على الأرض وهو تخليص البشر من خطاياهم. فالذي اسمه يسوع (أي مخلِّص) هو الطبيب الشافي الذي يخلّص من داء الخطية الوبائي القتَّال المستولي على جميع بني البشر. كان اليهود يحدثون أطفالهم بمسيحٍ يأتي من سبط يهوذا ومن بيت داود ليخلّصهم من مصائب هذا الدهر، كالفقر والمرض والتعب والذل، ومن سلطة الأعداء. وكان انتظارهم هذا سبب ثورات دموية أثارها مسحاء كذبة بدافع التهوُّس الوهمي والطموح الشخصي أو الطمع المادي. وكانت هذه الثورات تأتي عليهم دائماً بالوبال. وقد نفى كلام الملاك هذه التخيُّلات الذميمة، وأعلن حقيقة وظيفة المسيح الموعود به وعمله. وذلك أعظم جداً من كل ما كانوا يتصورونه، وهكذا تحققت نبوة إشعياء النبي بأن المسيح سيُولد من عذراء، وأنه بسبب طبيعته العجيبة يُسمَّى "عمانوئيل" ومعناه "الله معنا" (إشعياء 7:14). وأطاع يوسف أمر ملاك الرب وأخذ امرأته ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر. فبناء عليه عرف الجميع أن يسوع هو ابن يوسف كما أنه ابن مريم، وبهذا صان شرفه وشرف مريم ومولودها، كل مدة سكنهم في الناصرة. فما أعظم الجائزة التي نالها يوسف البار بسبب اختياره خطيبةً ذات خُلق، على رغم فقرها المادي، ثم بسبب طاعته للأمر الإلهي - على رغم صعوبة هذه الطاعة دون برهان حسي - آمن بالله كما آمن جده إبراهيم فحُسب له براً. |
15 - 07 - 2017, 10:01 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: حيرة يوسف
ربنا يبارك خدمتك الجميلة مرمر |
||||
16 - 07 - 2017, 12:45 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حيرة يوسف
شكرا على المرور |
||||
|