نتامل اليوم فى قول رب المجد يسوع
" لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقٌ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌ." ( يو 6 : 55 )
ففى البداية من كلام الرب نجده يقول أن جسده مأكل حق ( حقيقة ) و ليس رمزا او مثالا و دمى مشرب حق ( حقيقة ) أى ليس رمزا أو مثالا و هو يؤكد انه جسد و دم و ليس مجرد كلام روحى و إلا لماذا قال ( حق - حقيقة ) ؟ فاليهود انفسهم الذين خاطبهم الرب بتلك الاقوال قد فهموها حرفيا و ليس رمزيا و لا مجازيا اذ عندما سمعوا قوله ابتدأوا يتخاصمون و يتساءلون فيما بينهم قائلين كيف يستطيع هذا أن يعطينا جسده لنأكل فلو كان السيد المسيح قد رأى أنهم فهموا كلامه على غير معناه الحقيقى لكان قد بادر كعادته له المجد بلإيضاح المعنى لهم ليرفع عنهم أى غموض كما فعل عندما لم يفهموا قوله " أنا لى طعام لآكل لستم تعرفونه أنتم " و تساءلوا فيما بينهم ، فأوضح لهم الأمر قائلا " طعامى أن اعمل مشيئة الذى ارسلنى " ( يو 4 : 32 - 34 ) و أيضا حين قال لهم " حيث أمضى أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا " فقالوا ألعله يقتل نفسه ، فلم يتركهم فى حيرة ، بل أوضح لهم " ...أنا من فوق ....لست من العالم " ( يو 8 : 21 - 23 ) . بينما حديثه عن جسده و دمه كان يُشدد على الكلام و يؤكده بقوله : " الحق الحق " و يؤكد أن جسده مأكل حق و دمه مشرب حق كما ذكرت سالفاً و على ذلك رجع عنه الكثير من تلاميذه " مِنْ هذَا الْوَقْتِ رَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْوَرَاءِ، وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ. " ( يو 6 : 66 ) لأنهم لم يفهموا كلامه و استصعبوه فلو كان يقصد غير ذلك لفسر لهم و قال لهم إرجعوا أنا لم أقصد ما فهمتوه و لم يدعهم يبتعدوا عنه و هو الذى يُريد أن جميع الناس يخلصون و الى معرفة الحق يقبلون و لكنه تركهم ليذهبوا و قال لباقى الرسل و التلاميذ : "فَقَالَ يَسُوعُ لِلاثْنَيْ عَشَرَ: «أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا تُرِيدُونَ أَنْ تَمْضُوا؟» فَأَجَابَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَا رَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ،69 وَنَحْنُ قَدْ آمَنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ».( يو 6 : 67 - 69 ) . فالرب أكد قائلا : «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ. مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، 55 لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقٌ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌ.56 مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ." ( يو 6 : 53 - 56 ) و هذا تأكيد صريح على جسد الرب و دمه الذى يقول عنه : " إن لم تأكلوا ...و تشربوا دمه ، فياتُرى لو كان يقصد كلامه و ليس جسده و دمه فلماذا قال الحق الحق اى فى الحقيقة و ليس مجرد الرمز ؟ و لو كان يقصد بهما أنهما كلامه الذى هو روح و حياة ؟ فلماذا قال جسدى و دمى و لم يقل جسدى فقط و إكتفى ؟ و لما قال جسدى مأكل حق و دمى مشرب حق ، بعد ذلك يقول إن لم تأكلوا جسد ابن الانسان و تشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم ؟ و يقول لمن يأكل و يشرب أن له حياة أبدية و يثبت فى المسيح و المسيح فيه ؟ يعنى حينما نأكل جسده و نشرب دمه نثبت فيه و هو فينا و يكون لنا الحياة الأبدية و عكس ذلك لا حياة أبدية