بالتزامن مع استقرار سعر الدولار أمام الجنية .. بيان هام وعاجل من البنك المركزي يعلن فيه عن مفاجأة هي الأكبر منذ قرار التعويم
عمل البنك المركزى المصرى خلال 18 شهرًا على تنفيذ خطة قصيرة الأجل لإعادة تعبئة الاحتياطى من النقد الأجنبى لتصل أرصدته إلى نحو 32 مليار دولار متوقعة بنهاية شهر يونيو 2017، عبر اقتراض 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولى، وإصدار سندات دولية فى الأسواق العالمية بقيمة 7 مليارات دولار خلال 4 أشهر بالتنسيق مع وزارة المالية خلال شهرى يناير ومايو 2017.. ليبرز التساؤل هو ما هى فوائد ارتفاع احتياطيات مصر الدولية إلى هذا الرقم وفوائده للاقتصاد المصرى؟
يعد الرصيد المتوقع للاحتياطى الأجنبى بنهاية شهر يونيو 2017، بنحو 32 مليار دولار، أعلى مستوى يحققه منذ شهر مارس 2011، ويشمل دخول 3 مليارات دولار حصيلة السندات الدولارية الدولية نهاية الأسبوع الماضى، ووصول نحو 1.25 مليار دولار تمثل قيمة الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولى، وهى أرصدة تضاف إلى 28.6 مليار دولار تمثل حجم الاحتياطى الفعلى بنهاية شهر أبريل 2017.
طارق عامر محافظ البنك المركزى
أولًا.. يعمل ارتفاع الاحتياطى من النقد الأجنبى لمصر، على زيادة قدرة البنك المركزى المصرى على المناورة فى سوق الصرف وتعزيز الثقة فى الاقتصاد المصرى وقدرة الحكومة على جذب رؤوس الأموال خلال الفترة القادمة، وبالتالى تراجع متوقع للدولار أمام الجنيه، من المستوى الحالى البالغ متوسطه نحو 18 جنيهًا للدولار، على مستويات تتراوح بين 14 و16 جنيهًا للدولار خلال العام المالى الجديد 2017 – 2018، مع تدفق الاستثمار الأجنبى المباشر وتحسن إيرادات قطاع السياحة، وزيادة استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة المصرية، والتى سجلت يوم الخميس الماضى فقط 6.6 مليار جنيه، ما يعادل 366 مليون دولار.
ثانيًا.. يعمل المستوى الحالى للاحتياطى من النقد الأجنبى على تعزيز قدرة مصر على سداد أقساط الديون الخارجية، حيث يسجل إجمالى الدين قصير الأجل – أقل من عام - المستحق على مصر وواجب السداد قبل نهاية ديسمبر 2017، نحو 11.9 مليار دولار من إجمالى الديون الخارجية المستحقة على مصر والبالغ 67.3 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2016، وهى الالتزامات وأقساط الديون المستحقة الدفع على الدولة لصالح دول أخرى أو مؤسسات دولية، وتشمل نحو 1.4 مليار دولار قسطين سنويين لصالح تجمع دول نادى باريس فى يناير ويوليو من كل عام، إلى جانب أقساط ديون وودائع لصالح دول ومؤسسات مالية دولية وفقًا لجداول سداد تراعى التدفقات النقدية بالعملات الأجنبية لمصر، ويسدد البنك المركزى المصرى ويدير الديون الخارجية للدولة، وهى إحدى مهامه الأساسية، وتشمل أيضًا سداد نحو 1.5 مليار دولار ديون لشركات البترول الأجنبية، حيث إن مصر لم ولن تتخلف عن سداد أقساط مديونياتها الخارجية فى مواعيدها.
ثالثًا.. ومن الوظائف الهامة للاحتياطى من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى، هدف توفير السلع الأساسية، حيث أن المعدل الآمن لها والمتعارف عليه عالميًا، تغطية 3 أشهر من الواردات السلعية، وفى الحالة المصرية، فإن معدل الاستيراد الشهرى لمصر يصل إلى نحو 5 مليارات دولار قيمة استيراد مصر من الخارج، وبالتالى فإن الأرصدة المتوقعة بنحو 32 مليار دولار، بنهاية يونيو 2017، تشير إلى ارتفاع تغطية الورادات إلى أكثر من 6 أشهر من الواردات السلعية للبلاد، بما يؤكد قدرة مصر على توفير السلع الأساسية والاستراتيجية.
طارق عامر محافظ البنك المركزى
وتؤكد استراتيجية الحكومة والبنك المركزى على ترشيد الاستيراد وبالفعل تراجع معدل الاسترايد خلال النصف الأول من العام المالى الجارى، حيث وضع البنك المركزى قائمة السلع الأساسية والتموينية والاستراتيجية والمواد الخام التى لها الأولوية فى تدبير العملة الصعبة لاستيرادها، وهى القائمة التى وضعها البنك المركزى المصرى لترشيد استخدامات النقد الأجنبى، وتضم الشاى واللحوم والدواجن والأسماك والقمح والزيت واللبن – بودرة - ولبن الأطفال والفول والعدس والزبدة، والذرة والآلات ومعدات الإنتاج وقطع الغيار، والسلع الوسيطة ومستلزمات الإنتاج والخامات، والأدوية والأمصال والكيماويات.
رابعًا.. يعد إعطاء البنك المركزى المصرى الحرية للبنوك العاملة فى مصر فى تسعير النقد الأجنبى وذلك من خلال آلية الإنتربنك، حيث تعمل البنوك من خلال أساس التسعير الداخلى عن طريق إدارات الخزانة وإدارة السيولة والمعاملات الدولية، وبالتالى أصبحت أسعار العملات العربية والأجنبية، هى شأن داخلى لكل بنك، ويتم تبادل العملات بين البنوك وبعضها البعض عن طريق آلية الإنتربنك الدولارى، وهو ما ينعكس على تعبئة موارد البنوك الدولارية من تنازلات العملاء، والقروض الدولارية الدولية المشتركة للبنوك المصرية، بعيدًا على أرصدة الاحتياطى الأجنبى لدى البنك المركزى المصرى التى كان يتم ضخها عبر عطاءات العملة الصعبة والتى انتهت مع تعويم الجنيه فى 3 نوفمبر 2016.
طارق عامر محافظ البنك المركزى
خامسًا.. التقدم الذى أحرزته مصر فى برنامج الإصلاح الاقتصادى وإتمام اتفاق صندوق النقد الدولى بمنح مصر 12 مليار دولار، ونجاح إصدار مصر لسندات دولية بقيمة 7 مليارات دولار، وتعبئة أرصدة الاحتياطى النقد الأجنبى لمستوى 32 مليار دولار، مؤشرات هامة تصب فى زيادة ثقة المؤسسات الدولية والمجتمع الاستثمارى العالمى فى مستقبل الاقتصاد المصرى بالتالى استمرار النظرة المستقبلية المستقرة من قبل مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولى، وتحسن التصنيف مستقبلًا بما يشجع على جذب الاستثمار الأجنبى.
ومكون العملات الأجنبية بالاحتياطى الأجنبى لمصر يتكون من سلة من العملات الدولية الرئيسية، هى الدولار الأمريكى والعملة الأوروبية الموحدة "اليورو"، والجنيه الإسترلينى والين اليابانى واليوان الصينى، وهى نسبة تتوزع حيازات مصر منها على أساس أسعار الصرف لتلك العملات ومدى استقرارها فى الأسواق الدولية، وهى تتغير حسب خطة موضوعة من قبل مسئولى البنك المركزى المصرى.
وتعد الوظيفة الأساسية للاحتياطى من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى، بمكوناته من الذهب والعملات الدولية المختلفة، هى توفير السلع الأساسية وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، ومواجهة الأزمات الاقتصادية، فى الظروف الاستثنائية، مع تأثر الموارد من القطاعات المدرة للعملة الصعبة، مثل الصادرات والسياحة والاستثمارات، بسبب الاضطرابات إلا أن مصادر أخرى للعملة الصعبة، مثل تحويلات المصريين فى الخارج التى وصلت إلى مستوى قياسى، واستقرار عائدات قناة السويس، تساهم فى دعم الاحتياطى فى بعض الشهور.
هذا الخبر منقول من : اليوم السابع