المسيح هو الباب
«أنا هو الباب. إن دخَل بي أحدٌ فيخلص» ( يوحنا 10: 9 )
المناسبة التي أعطى فيها الرب المُبارك هذا الحق الرائع هي فتح عيني المولود أعمى المذكورة في الأصحاح السابق (يو9)، حيث نقرأ عن الفريسيين أنهم أخرجوا هذا الإنسان خارج المجمع بسبب اعترافه بالمسيح، له المجد. وقد كان الاعتراف القلبي الصادق بربنا يسوع المسيح، ولا يزال، في نظر الإنسان المُتكبر الساقط جريمة لا تُغتفـر.
وقد تنازل الرب وقابل هذا الإنسان الذي أخرجوه خارجًا، وأظهر له ذاته، ثم حوَّل الرب الحديث إلى العمى الروحي، حتى إن بعض الفريسيين اُستُثيروا بعمق لمَّا سمعوا، فسألوا الرب قائلين: «أ لعلَّنا نحن أيضًا عُميانٌ؟»، وذلك لأن الرب يسوع قال: «لدينونَة أتيتُ أنا إلى هذا العالم، حتى يُبصر الذين لا يُبصرون ويعمَى الذين يُبصرون» ( يو 9: 39 ، 40). وفي هذا القول شهادة مُهمة وحقيقة عملية، فالإنسان الذي يقرّ ويعترف بأنه أعمى، يقدر الله أن يجعله يُبصر، ولكن إن قال إنه بَصير ومُستنير، وفي استطاعته أن يُدرك دائمًا أمور الله، ويُميز الأمور المُتخالفة، مثل هذا الإنسان لا بد وأن يتعلَّم – إن عاجلاً أو آجلاً – أنه في الواقع كان ولا يزال أعمى.
وقد أثارت جدًا شهادة ربنا وأقواله الصريحة هؤلاء الفريسيين، كما أسلَفنا، لدرجة أنهم قالوا: «أ لعلَّنا نحن أيضًا عُميانٌ؟». وبلا شك كانوا يعتقدون أنهم أعلى هيئة مُفكرة في جيلهم، ولا يُضارعهم أحد في معرفة الكتب المقدسة، فكيف من المُحتمل إذًا أن يكونوا عميانًا؟! ولكن ماذا كانت إجابة ربنا، له كل المجد؟ «قال لهم يسوع: لو كنتم عُميانا لَمَا كانت لكم خطية. ولكن الآن تقولون إننا نُبصر، فخطيتكم باقية» ( يو 9: 41 ). وبعبارة أخرى لو كانوا يشعرون أنهم في ظلامٍ دامس، ويعترفون أنهم من الوجهة الروحية عميان أمام الله، لكانوا عرفوا نعمة الله القادرة أن تغفر لهم خطاياهم. ولكن بقولهم: «إنَّنا نُبصر» قد برهنوا على اكتفائهم الذاتي ورضاهم على حالتهم التي هم فيها، وعدم شعورهم بحاجتهم الشديدة. ومما لا نزاع فيه أن المرضى فقط هم الذين يحتاجون إلى طبيب، ولا يشتاق إنسان ما إلى فتح عينيه إلا بعد أن يشعر بأنه أعمى، وكذلك لن يطلب الإنسان غفران خطاياه إلا بعد أن يشعر أنه مُذنب أثيم.