إن هذا الموضوع هو مهم جداً، وخصوصاً في الفترة الراهنة، حيث نرى الكثير من الشباب قد ابتعدوا عن الكنيسة، ولكن قبل ان نبحث عن الاسباب وطرق المعالجة، لنتعرف سويةً على من هو هذا الشاب المسيحي، وما الذي يجذبه الى الكنيسة وماذا يريد؟
يمكننا ان نقول بان كل شاب مسيحي، هو كنسي، لكونه ينتمي، بالعماذ والتثبيت، الى كنيسة المسيح بشكل عام والى كنيسة الرعية او الخورنة بشكل خاص، لانه انضم بالعماذ الى هذه الكنيسة منذ أيامه الاولى على هذه الارض. لقد اصبح عضواً فيها. وزرعت في قلبه بذور الايمان المقدس (التناول الاول) التي يجب ان تغذى وتروى مع النمو في الحياة، حتى يتسنى لهذا الصغير عند بلوغه الوعي، ان يتمكن من اختيار المسيح بصورة ناضجة ويشارك في نشاطات الكنيسة المختلفة (مع الاسف كثير ما نهمل الاولاد بعد التناول).
ولكن سؤالنا هو: ما الذي يجذب الشباب الى الكنيسة؟
هناك شباب ينجذبون الى الكنيسة تحت تأثير رفاقهم واصدقائهم: يطيب لهم ان يتلاقوا في الكنيسة ويتداولوا في الشؤون التي تهمهم، ولا سيما في المجتمع الذي لا يوفر لهم الكثير من مجالات اللقاء والترفيه. فالكنيسة تصبح للبعض وسيلة للتهرب من عزلة البيت والمجتمع.
وهناك ايضاً شباب لا يتوقفون عند هذه الاعتبارات الانسانية الترفيهية وانما ينجذبون الى الكنيسة لانهم يرون فيها البيئة المفضلة لتفتح طاقاتهم الروحية، انهم يرغبون ان يعيشوا مسيحيتهم بأصالة وعمق وان يحتكوا باخوتحم المسيحيين لتبادل الخبرات وتلقي المساعدة والتعاون (هذا نراه من خلال الصلاة والرياضات الروحية).
وهناك ايضاً شباب بدأوا يفهمون شيئاً من هويتهم المسيحية التي تقتضي منهم ان يكونوا رسلاً في مجتمعهم (الكهنة/الراهبات/المكرسين)، ان يستقوا هذه الرسالة من ينابيعها الحقيقية:المسيح والكنيسة. فهم لا يأتون للكنيسة لاختزان المعلومات، بل لنشر البشرى السارة.
نظرة الى شباب الكنيسة اليوم؟
اذا حاولنا معاً ان نرسم صورة حقيقية لشباب كنيسة العراق اليوم، فاننا قد نتعرض لخيبة أمل قاسية، أكيد واحد من هذه الاسباب هي (ظروف البلد الراهنة)، فشباب اليوم ليس له وقت يكرسه للكنيسة، الاغلبية تبحث عن المادة ولقمة العيش والتفكير في السفر واشياء اخرى. ولكن مع ذلك ممكن ان نصنف الشباب الى فئتين:
فئة اللامبالين/ الذين لا يهتمون بالشؤون الدينية، وما اكثرهم! ولا يهمهم أمر الكنيسة وكأنهم غرباء عنها... قد يكون هذا الامر لديهم ناجم عن نشأتهم الاولى حيث لم يتلقوا تعليماً دينياً عميقاً. او قد يكون ناجم عن فترة المراهقة الصعبة حيث لم يجدوا لا في البيت ولا في الكنيسة من يتفهمهم ويساعدهم بالتنشئة الصحيحة.
وربما يكون موقف الكنيسة قد خلق فيهم ردود فعل معاكسة أبعدتهم عنها، او قد تكون مغريات الحياة قد استحوذت عليهم (المادة والجنس).
فئة الملتزمين/ وهم اقل من الفئة الاولى بالطبع، حيث اننا بجد حول كل كنيسة خورنية نخبة من الشباب، من كلا الجنسين الذين يتميزون بارادة صالحة وبرغبة في تقديم المساعدة وبغيرة أصيلة. ويحتاج هؤلاء الشباب الى الكثير من الرعاية والتوجيه، لكي تتفتح لديهم تلك الطاقات، فببذلوها في مكانها ويكونوا قلب الخورنة النابض بالحيوية والنشاط.
ولهذا هناك بعض النقاط الاساسية للاهتمام بهؤلاء الشباب:
1. يحتاج هؤلاء الشباب الى المزيد من التثقيف والتنظيم والمتابعة (ارسالهم للمعهد والكلية).
2. انهم يشعرون أحياناً بكونهم مهملين في الكنيسة رغم نشاطاتهم ومواهبهم (تشجيعهم).
3. توفير كل الامكانيات والمستلزمات لجذب هؤلاء الشباب (دورات رياضة وانترنيت).
4. تخصيص سيارات نقل لطلاب التعليم والاخويات ولقاء الشباب.
5. تهيئة قاعات للمحاضرات واللقاءات الروحية والحفلات الترفيهية.
واقعنا اليوم وماذا علينا ان نفعل؟
اننا نعيش اليوم في عالم تتفاعل فيه الافكار والنظريات على مختلف الاصعدة: السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وحتى الدينية. وكأننا في سباق الى اختراع نظريات جديدة واستنباط افكار مستحدثة (بلد الحرية والديمقراطية)؟ لا شك ان من حق اي انسان، بل من واجبه ان يسعى في توظيف طاقاته العقلية وقدراته العملية وامكاناته الروحية في التقدم والازدهار لبناء مستقبل افضل. لكن المؤسف هو ان الكثيرين لا يوجهون هذه الطاقات والامكانيات لخير الانسانية الحقيقي وبناء المجتمع وانما المصالح الشخصية والاستغلال والطمع وحب البروز وغيرها من الدوافع الانانية تكمن وراء هذه المنجزات الجديدة؟
نحن اليوم في منعطف خطير من تاريخ بلادنا وتاريخ كنيستنا في العراق. اننا نعيش وسط صراعات عديدة ومتنوعة. فلا الماضي يرضينا ولا الحاضر يفرحنا ولا المستقبل يشجعنا. فهل سنبقى في هذا الجو الخانق من عدم الاستقرار؟ أم نسكت تجاه ما يجري حولنا؟ او نبقى متفرجين وكأن الامر لا يعنينا ولا يهمنا؟ اظن ان هذا لن يكون موقفاً انجيلياً. بل العكس الامر يهمنا كثيرا نحن المسيحيين ولاسيما الشباب لان مستقبل الكنيسة مبني عليهم. فما احوجنا اليوم الى شباب مسيحي ناضج يذكر الناس بالمحبة والتعاون والصدق! متحدين فيما بينهم.
ختاماً لنتأمل بما كتبه القديس بولس الرسول الى أهل (فيلبي 2: 1-5)
" أناشدكم بالمسيح، وبما في المحبة من قوة على الاقناع وبالمشاركة في الروح وبالحنان والرأفة، ان تتموا سروري بأن تكونوا على رأي واحد ومحبة واحدة وقلب واحد وفكر واحد. لا تفعلوا شيئاً بدافع المنافسة او العجب، بل على كل منكم ان يتواضع ويعد غيره أفضل منه. ولا ينظر أحد الى منفعتهن بل الى منغعة غيره. تخلقوا بخلق المسيح...".