الألم يؤدِّي إلى النمو الروحي
ربما تكون قد يئستَ من الحياة، إذ تظنُّ أنك صرتَ منبوذاً من كل أحد، وأنك قد امتلأتَ بالقروح بسبب الخطايا التي ارتكبتها. إلاَّ أنك يجب أن تَعتَبِر ذلك علامةً على حبِّ الله وليس على بُغضه لك، لأن الله يُريد أن يُقوِّمنا في هذه الحياة، نحن أبناءه، حتى يستقبل أرواحنا في حالةٍ طاهرة محتفظةً بنقاوتها الأصلية، كما هو مكتوب: «لأن الذي يُحبه الرب يؤدِّبه، ويجلد كل ابن يقبله» (عب 12: 6)...
عندما ارتكبت أورشليم جريمةً ضد الله بقتلها الأنبياء الذين أرسلهم لإنقاذها، عانت من التأديب والأَسْر في بابل، لكي بهذه الوسائل يعود أبناؤها إلى الطريق الصحيح. فالعقاب يهدف إلى التقويم. وهكذا بعد أن انقضت السبعون سنة، أُعيدت المدينة إلى مجدها السابق. وقد أَظهر الله الشفقة (عليها) وأعطى كلمات التعزية (لها) بواسطة الكهنة، كما في سفر إشعياء: ”أيها الكهنة، تكلَّموا إلى قلب أورشليم. عزُّوها لأن ذُلَّها قد كمل، وإثمها قد انتُزِع، لأنها نالت من يد الرب الضعف عن خطاياها“ (إش 40: 2،1 حسب السبعينية).
إن كنتَ مسيحياً صالحاً، لسُرِرْتَ إذا عانيتَ من الضيقات، لأنك بذلك تصبح أكثر استحقاقاً. وإن كنتَ خاطئاً، لسُرِرْتَ إذا ابتُليتَ، لأنك بذلك تتنقَّى من خطاياك وستجد العزاء في الدهر الآتي. الضيق له منافع في كل حال، لأن: «الذبيحة لله روحٌ منكسر، القلب المنكسر والمنسحق لا يُرذله الله» (مز 50: 17 حسب السبعينية)...
يجب أن تكونوا مستعدِّين، وتتذكَّروا عن طِيب خاطر كلام الله عندما يقول: «أحكام الرب... أحلى من العسل» (مز 19: 10،9). وحتى لو بَدَا التأديب قاسياً في وقته، فهو سيُنتج ثمراً عجيباً في المستقبل. ومِثل هذا التأديب سيوجِّهكم بعيداً عن الخطية ويقودكم إلى الفضيلة، وبسببه ستغلبون الموت وتجدون الحياة، وستتجنَّبون العقوبة الرهيبة في المستقبل وتربحون أبدية سعيدة، وستُحمَلون بعيداً عن الكبرياء نحو سلام الله وتواضعه.
تذكَّروا أنه: «خيرٌ لي أنك أذللتني حتى أتعلَّم حقوقك» (مز 119: 71 حسب السبعينية). فإذا وضعتم هذا الذي قلته في قلوبكم، وداومتم بإخلاص على تسبيح الله ونعمته، مُقدِّمين له الشكر الدائم؛ ستشعرون بروح الله في داخلكم على الدوام. لأن كل مَنْ يحفظ أفكاره في الله لن يظل إطلاقاً بدونه. إنه سيُلطِّف آلام أجسادكم، ويُشدِّد طاقتكم على الاحتمال؛ وحتى إذا امتلأت أجسادكم بجروح متقيِّحة، فستكونون قادرين على الإبقاء على هدوئكم الذهني واتزانكم، وذلك بمعونة ربنا يسوع المسيح الحيِّ والمالك إلى الأبد، آمين