مطهرات الصنوبر … التركيب والفاعلية
من بين التركيبات التي تتوافر في أغلب المنازل والأماكن العامة مطهرات الصنوبر. هذا التواجد القوي مبرره الرائحة القوية للصنوبر والتي يربط العملاء بينها وبين القوة التطهيرية للمنتج؛ وهذا الترابط على ما يسببه من إشكاليات قوية قد تدمر اقتصاديات الدول، إلا أنه متواجد ولا يجدر بنا إغفاله وإنما يتعين علينا توضيح هذه الملابسات قدر المستطاع. وفي السطور القليلة القادمة سنعرض لأسباب ذيوع مطهرات الصنوبر، والمواد الأساسية الداخلة في هذه التركيبات، وأوجه القصور فيها، مع التعريج على سبل رفع الكفاءة التطهيرية لهذه المنتجات.
بدايةً فإن استعمال مطهرات الصنوبر في المستشفيات والمراكز الطبية يعد كارثة بكل المقاييس؛ ذلك أن زيت الصنوبر وهو المادة الفعالة في تركيبات مطهرات الصنوبر محدود الفعالية كمضاد للميكروبات والأبواغ البكتيرية؛ مما يجعل استعماله عديم الجدوى في هذه الأماكن التي تتطلب قوة تطهيرية قوية؛ لكسر سلسلة العدوى والسيطرة عليها، والحيلولة دون انتشار عدوى المستشفيات التي بدورها تتطلب ميزانية ضخمة. استعمال مطهرات الصنوبر على أنه مطهر قوي يعود للرائحة النفاذة التي تلعب دورًا في حجب الروائح الغير مرغوبة؛ إلا أن القدرة التطهيرية الفعلية تكون ضعيفة جدًا؛ بما يستلزم إما استبعاد مطهرات الصنوبر من قائمة المطهرات أو رفع الكفاءة التطهيرية لهذه المطهرات.
قبل أن نستطرد في آلية رفع القدرة التطهيرية فإنه يجدر بنا وصف التركيبة أولاً. تركيبة مطهر الصنوبر تتألف عادةً من زيت الصنوبر، مذيب مساعد لزيت الصنوبر، مواد نشاط سطحي، إضافات أخرى.
1 زيت الصنوبر Pine Oil
زيت الصنوبر هو الركيزة الأساسية للتركيبة، وهو زيت يتم استخلاصه من أشجار الصنوبريات بطرق متباينة، ويسمى وفقًا لطريقة الاستخلاص مثل التقطير البخاري وزيت الصنوبر المُكَبْرَت. زيت الصنوبر نفاذ الرائحة ويسبب التهاب الجلد والعيون والأغشية المخاطية، ويحتوي على كحولات تربينية وتوليفة من الزيوت والكحولات والأحماض والاسترات والألدهيدات ومركبات عضوية أخرى. أشهر مكونات زيت الصنوبر تربينول Terpineol وهو عبارة عن ثلاثة نظائر لكحول صيغته الجزيئية C10H17OH بالإضافة إلى ألفا وبيتا باينين Pinene وراتنج حمض الآبيتيك. زيت الصنوبر مادة مذيبة تدخل في صناعة البويات والدهانات، كما أنها مذيبة للدهون والشحوم بفضل تواجد التربينات والكحولات التربينية في الزيت.
يوجد زيت الصنوبر في تركيزات مختلفة مثل زيت صنوبر 60% وهو يشير لاحتواء الزيت على نسبة 60% كحولات تربينية، وتصل التركيزات إلى 85% وهو الأكثر شيوعًا، مع وجود تركيزات أعلى ولكنها غير مستخدمة في صناعة المنظفات والمطهرات بكثرة. في التركيبات المطهرة والمنظفة المحتوية على زيت الصنوبر ينبغي الانتباه إلى أن زيت الصنوبر يترك بقايا على الأسطح؛ لاسيما الأسطح الصلبة مما يستدعي استخدام نسبة محددة وعدم تخطيها؛ حفاظًا على مظهر الأسطح.
2 المذيب المساعد Co-Solvent
مع أن زيت الصنوبر مذيب للدهون والشحوم، إلا أننا نحتاج لإضافة مذيب آخر لزيت الصنوبر؛ ومغزى ذلك أن زيت الصنوبر لا يمتزج بالماء وعليه يجب إضافة مذيب آخر كوسيط يسمح بامتزاج زيت الصنوبر بالماء ولتحسين انتشار زيت الصنوبر في التركيبة. المذيب المساعد يلعب دورًا إضافيًا يتمثل في إذابة المكونات الأخرى في التركيبة الغير قابلة للذوبان في الماء مثل الكحولات الإيثوكسيلية والألكانول أميدات والعطور الأخرى في حال إضافتها لزيت الصنوبر، وغيرها من المواد المطلوبة في التركيبة.
المذيب في الأساس مادة عضوية لها قابلية الذوبان في الماء، ويفضل أن تكون من الكحولات قصيرة السلسلة الكربونية والتي تتراوح من ذرة كربون واحدة إلى ثماني ذرات كربونية، ويفضل أن تكون السلسلة الكربونية ما بين ذرة إلى ثلاث ذرات كربون، مع أفضلية استعمال الأيزوبروبانول كمذيب مساعد. يمكن الاعتماد على مركبات الجليكولات والجليكول إيثر كمذيبات مساعدة، ومنها بروبيلين جليكول ميثيل إيثر، داي بروبيلين جليكول ميثيل إيثر، بروبيلين جليكول فينيل إيثر وغيرها. ولكن يراعى الانتباه لوجود رائحة حادة لمركبات الجليكول إيثر قد تقلل من رائحة الصنوبر أو تطغى عليها. ومن منظور بيئي يراعى التقليل من كمية المذيب المساعد قدر المستطاع؛ وذلك لتقليل المواد العضوية المتطايرة VOCs لما لها من تأثير سلبي على البيئة.
3 مواد النشاط السطحي Surfactants
مواد النشاط السطحي هي مواد تعمل على تقليل التوتر السطحي وتساعد على إزالة الإتساخات والأتربة والقاذورات من الأسطح المختلفة، ولها قوة تنظيفية تعتمد على نوع المادة المستخدمة وتصنيفها، كما تختلف رغوة المادة باختلاف تصنيفها، وتقوم بدور عوامل البلل والانتشار وغير ذلك. تنقسم مواد النشاط السطحي إلى مواد نشاط سطحي غير أيونية وأخرى أيونية؛ والتي تنقسم بدورها إلى مواد نشاط سطحي كاتيونية وأنيونية ومترددة. يمكن استعمال أكثر من مادة نشاط سطحي في التركيبة الواحدة بشرط التوافق بين المواد الداخلة في التركيبة. ويفضل انتقاء مواد النشاط السطحي معتدلة الرغوة والقابلة للتحلل البيولوجي؛ وذلك لتقليص الوقت المستخدم لإتمام عملية التنظيف والتطهير، مع الحفاظ على الماء اللازم لشطف الأسطح في حال الرغوة الوفيرة وكذلك لتقليل الوقت والجهد المطلوب في هذه المهمة. أما التحلل البيولوجي فهو مسألة مهمة للحفاظ على البيئة وضمان عدم السمية للأسماك والأحياء المائية المختلفة.
4 إضافات أخرى!
تشمل هذه الإضافات منظمات الأس الهيدروجيني، ومعدلات القوام واللزوجة، والألوان، والمؤثرات البصرية، والمواد الحافظة، ومضادات الأكسدة، وغيرها من الإضافات التي يمكن إضافتها لإكساب التركيبة مظهرًا مميزًا عن غيرها من التركيبات المتوافرة في الأسواق، وذلك من باب القيمة المضافة والتفرد لدى العملاء.
طريقة التحضير Method of Preparation
يتم إضافة زيت الصنوبر لمواد النشاط السطحي والتقليب المستمر لحوالي 15 دقيقة لضمان امتزاج الزيت بالمواد بشكلٍ متجانس، ويلي ذلك إضافة المذيب المساعد مع استمرار التقليب لمدة 10 دقائق، يضاف ذلك للماء مع التقليب لمدة 5 دقائق. لا يحتاج التحضير لظروف خاصة ولا يتطلب مجهودًا كبيرًا مقارنةً بالتركيبات الأخرى. تأتي خطوة إضافة اللون والإضافات الجمالية بعد ذلك، ويراعى أن يكون لون المنتج متوافقًا مع الصنوبريات فيتراوح اللون من منتج عديم اللون إلى اللون العنبري الفاتح، وقد يكون بلون عنبري قاتم وصولًا إلى اللون العنبري المشوب بالحمرة أو حتى باللون الأخضر.
بذلك نكون قد حصلنا على تركيبة مطهر صنوبر قوي الرائحة يعمل على تغطية الروائح الكريهة والغير مرغوبة، ولكنه في ذات الوقت ضعيف الفعالية كمادة مضادة للميكروبات، ولا يصلح للاستخدام في المستشفيات أو المراكز الصحية ولا حتى في البيوت ليقوم بدور مضاد الميكروبات. ولضمان قوة هذا النوع من المطهرات على كبح جماح الميكروبات والأبرواغ المختلفة؛ فإنه يجب رفع القدرة التطهيرية للتركيبة.
كيف نرفع القدرة التطهيرية لتركيبة مطهر الصنوبر؟
يتم ذلك من خلال استعمال أحد أنواع مواد النشاط السطحي السالف الإشارة إليها، وهي فئة خاصة من مواد النشاط السطحي الكاتيونية وتعرف بمركبات الأمونيوم الرباعية ونشير إليها اختصارًا QUAT وهذه النوعية من مواد النشاط السطحي لها قوة مضادة للميكروبات تسمح لنا بتصنيف المنتج على أنه مضاد للميكروبات. يتم استعمال QUAT في التركيبة للحصول على مطهر صنوبر قوي الرائحة وفعال في قوته التطهيرية؛ بما يسمح بالحصول على نتيجة فعالة مقارنةً بزيت الصنوبر وحده. انتبه زيت الصنوبر ليس مطهرًا ويجب وجود مادة مطهرة في التركيبة.