طبيعة الحريَّة المسيحية
''لأنَّ الربَّ هو الروح، وحيث يكون روح الربّ تكون الحريَّة''
(2قورنثس 17/3).
إنَّ الحريَّة المسيحية لها إنعكاساتها على المستوى الاجتماعي، إلاّ أنَّها تقوم في ما هو أسمى من ذلك، فهي سهلة المنال للعبيد والأحرار، لأنَّها لا تفترض تغيير الحال الذي كان عليه المرء ''فإن كنت عبداً حين دُعيت فلا تُبال، ولو كان بوسعك أن تصير حرّاً، فالأولى بك أن تستفيد من حالك، لأنَّه مَنْ دُعي في الربِّ وهو عبد كان عتيق الربِّ (1قورنثس 21/7)، ففي العالم الروماني - اليوناني، الذي كان يرى في الحريَّة المدنية الأساس الأول للكرامة الشخصية، كانت هذه الحريَّة المسيحية أمراً متناقضاً مع العقل، لكن بهذه الطريقة، ظهرت بوضوح أكبر قيمة التحرير الجذري الذي يُقدِّمه لنا المسيح. فالحريَّة المسيحية، التي هي أبعد من أن تكون ثمرة عقيدة ذهنية مُجرَّدة عن الزمن، هي بالأحرى نتيجة حدث تاريخي هو موت المسيح الظافر، وإتِّصال مباشر هو الإتِّحاد بالمسيح في المعمودية، والمؤمن الحرّ يعيش منذ الآن وإلى الأبد في صلة حميمة مع الأب، دون أن تُعرقله قيود الخطيئة والموت والشريعة.