القديس ديمتريوس متروبوليت روستوف (+1709م)
28 تشرين الأول شرقي (10 تشرين الثاني غربي)
هو أحد القديسين البارزين في الكنيسة الروسية الأرثوذكسية. ولد في العام 1651 ميلادية بالقرب من مدينة كييف. ولما كان والده في الجندية كثير التغيب عن بيته، فإن والدته هي التي ربته وكان لها التأثير في تنشئتة على الفضيلة ومحبة المسيح.
دخل ديمتريوس المعهد الكنسي في كييف وهو في الحادية عشرة من عمره. ظهرت لديه موهبة الكلمة. انضم في السابعة عشرة إلى دير القديس كيرللس حيث أكمل دروسه وأبدى ميلاً لحياة النسك والتوحد. سيم كاهناً وهو في الرابعة والعشرين. أضحى واعظاً ومدبراً لعدد من الأديرة. حاول أكثر من مرة أن يعتزل ليصبح راهباً لكن حاجة الكنيسة إليه اقنعته بالعدول عن رغبة قلبه.
ولما كانت غزوات التتار والليتوانيين والبولونيين قد قضت، فيما قضت على العديد من المؤلفات الروحية في الأرض الروسية، ومن بينها حياة القديسين، فقد وقع الخيار على القديس ديمتريوس ليقوم بالدراسات والأبحاث اللازمة لإعادة كتابة سير القديسين. استغرق إنجاز هذا العمل الجبار منه خمسة وعشرين عاماً أبدى خلالها غيرة ودقة في العمل مميزين. كان يقضي معظم وقته، خارج الصلاة والتأمل، في مراجعة المصادر المتبقية ودراستها في أدق تفاصيلها. ملأت عشرة القديسين وجدانه إلى حد أن البعض منهم كان يظهر له ويعينه في عمله. من ذلك مثلاً ظهور القديس الشهيد اوريستوس له في اليوم العاشر من شهر تشرين الثاني من العام 1685. قال له الشهيد "لقد كابدت من العذابات لأجل المسيح أكثر مما أوردت"، وأخذ يريه جراحاته في أنحاء مختلفة من جسمه، ثم قال له: "أترى؟ لقد تألمت أكثر مما كتبت!". ولما أخذ القديس ديمتريوس يتساءل عما إذا كان هذا الشهيد ارويستوس هو إياه من تعيد له الكنيسة في العاشر من تشرين الثاني، أم ذاك اذلي ورد اسمه بين الشهداء الخمسة الذين يصادف عيدهم اليوم الثالث عشر من كانون الأول، انبرى القديس ليقول له: "لا لست واحداً من الشهداء الخمسة بل أنا من تعيد له الكنيسة في اليوم العاشر من شهر تشرين الثاني".
اختير القديس ديمتريوس أسقفاً على مدينة روستوف في العام 1702م. فانكب على تقويم ما اعوج وانهاض ما انحط من اعتقادات شعبه وممارساته الكنسية. بقي ثابتاً على نسكه وصرامته المعتادة مع نفسه ونظام صلواته رغم علل بدنه الكثيرة. إليه يعود عدد كبير من المؤلفات الروحية القيمة. أنشأ مدرسة إكليريكية لإعداد الكهنة قام فيها شخصياً بتغطية القسم الأكبر من الدروس.
ينقل معاصروه عنه أنه علم بمثاله أكثر مما علم بعظاته وتدريسه. سلوكه في الصلاة والصيام والرأفة والرحمة كان له أثر كبير في نفوس الأشرار والصالحين في آن معاً.
قبل ثلاثة أيام من وفاته أطلع من كان حوله على قرب مغادرته. جمع الخدام والمرتلين وسجد أمامهم فرداً فرداً وطلب منهم أن يسامحوه. ثم أقفل على نفسه في قلايته قائماً في الصلاة. في اليوم التالي، الثامن والعشرين من شهر تشرين الأول من العام 1709م، جاءه أهل بيته متفحصين فوجدوه قد فارقهم وهو في وضع السجود والصلاة. كان قد بلغ من العمر ثمانية وخمسين سنة.
ومرّت الأيام، خمساً وأربعين سنة على وفاته، فوجد جثمانه سليماً لم ينحل. وقد أجرى الله بواسطته آيات شفاء عديدة إلى أن أعلنت الكنيسة الروسية قداسته رسمياً في العام 1757 للميلاد.