[
الثلاثاء 03-07-2012
تهنئة واجبة للسيناريست المبدع وحيد حامد على جائزة النيل للفنون، فهو بالفعل يستحقها، ومنذ زمن طويل، لأنه ليس «دراماتورجى حرفى» يتقن أصول المهنة ويعرف أسرارها كصنايعى محترف ولكنه صاحب قضية، سيناريست بدرجة مفكر، تميز بأنه حافظ على مكانة السيناريست وهيبته وأهميته فى صناعة السينما، فلم يرض بأن يكون هامشياً تنتهى مهمته بتسليم السيناريو، رفض دور السيناريست الترزى أو مقاول الأنفار، أخذ خطوة مهمة لتحقيق ذلك عندما دخل مجال الإنتاج ليرعى فكره ويحرس فنه منذ مرحلة البذرة والجنين حتى يكتمل فيلماً واضح الملامح.
بداية كان لا بد منها للفنان وحيد حامد الذى تحمل الكثير من الهجوم والسباب والاتهامات الظالمة خاصة بعد عرض مسلسل الجماعة والذى اتهموه بأنه صنيعة أمن الدولة، واتهموه أيضاً بأنه سيشوه العلاقات بيننا وبين السعودية حين عرض للعلاقة الخفية بين ثلاثى حسن البنا والسعودية والإنجليز وقت ولادة فكرة الإخوان المسلمين، ماذا سيكون رد الجماعة الآن على شراء السعودية لحق عرض مسلسل الجماعة فى هذا التوقيت بالذات؟ المسلسل يُعرض على قناة mbc دراما وسينتهى ببداية رمضان، ونحن نعرف علاقة هذه القناة بالنظام السعودى الذى، بالطبع، يبصم ويختم ويوافق على عرض أى مادة درامية أو إخبارية على هذه القناة! أليست هذه هى السعودية التى كنتم تخافون على تشويه العلاقات معها بسبب المسلسل؟ ها هى تشترى المسلسل وتعرضه على أهم قنواتها، بل وتعلن عنه ببروموهات قوية، أى أنها باختصار تصرخ: «شوفوا المسلسل لأن فيه رسالة مهمة عايزين نوصلها للشعب السعودى».
ما هى دلالة عرض المسلسل، وفى هذا التوقيت بالذات؟ السعودية تخشى الإخوان، السعودية عرفت الإخوان جيداً بعد أن احتضنتهم عقب هجرة أقطابهم فى منتصف الستينات إلى هناك، بعد أن دعمتهم ونمتهم ومولتهم وساندتهم ضد نظام عبدالناصر، وساعدتهم على الاندماج وعقد الصفقات فى عصر السادات ومبارك، عادت للتوجس منهم والخوف من أن تلقى السعودية على يد الإخوان مصير الأمريكان على يد القاعدة التى نشأت فى كنفهم وبدعم من مخابراتهم وفى النهاية انقلبوا عليها ودمروا أبراجها الحصينة فى لحظة.
المسلسل سيُعرض كاملاً وبدون حذف، وستتنازل السعودية عن تحفظاتها على مشاهد حديث البنا عن دعم المملكة لجماعته، ستتنازل من أجل الرسائل المهمة التى يحملها المسلسل، وإذا كان مسلسل الجماعة قد تم اغتياله فى مصر ومطاردة القنوات التى تفكر فى عرضه وتهديدها، فإنه قد مُنح قبلة الحياة، وياللعجب من آخر مكان كنتم تتخيلون أنه سيمنحها، السعودية التى كان الإخوان يحجون إليها مرتين فى العام، الأولى حج سياسى والثانية حج دينى!
الوطن