أبينا الجليل في القديسين تيخون الروسي (+1925م)
25 آذار شرقي (7 نيسان غربي)
هو بطريرك موسكو وكلّ روسيا بين العامين 1917 و1925. منصب البطريرك كان قد علّقه القيصر بطرس الأكبر في القرن الثامن عشر. فلما اندلعت الثورة البولشفيّة في العام 1917م. التأم المجمع الكنسيّ الروسيّ وألغى التدابير الذي كان بطرس الكبير قد فرضها ثم اختار ثلاثة أشخاص وألقى القرعة فوقعت على تيخون فحُسب بطريركًا.
ولد تيخون في العام 1865م. في مدينة صغيرة من مقاطعة بسكوف، بعد الدراسة اللاهوتية صار راهبًا وكاهنًا وعُيّن مديرًا لإكليريكيّة خولم في بولونيا الروسيّة، لطافته وتقواه وتواضعه جذب الكثيرين حتّى من غير الأرثوذكس الذين أعادهم إلى حضن الكنيسة.
جُعِلَ أسقفًا وهو في الثانية والثلاثين من العمر. أُوفد إلى أميركا الشماليّة حيث باشر عملاً رسوليًّا واسع النطاق و أسّس ما يزيد على الخمسين رعيّة وديرًا وإكليريكيّة، كما بنى كاتدرائيّة نيقولاوس في مدينة نيوروك. استدعي إلى روسيا تد في السنة 1907 وتسقّف على يارسلاوف فأحبّه الشعب لرفقه الأبويّ، فلمّا اندلعت شرارة الحرارة العالميّة الأولى نشط لإغاثة المنكوبين نشاطًا كبيرًا. وإذ بدأت الثورة وأخذت الفوضى تعمّ وارتكبت المجازر وساد الخراب اهتمّ تيخون بحثّ الشعب على التوبة.
من أقواله: " لقد أفسدت الخطيئة أرضنا و شلت القوى الروحية و الجسدية للروس ... لقد أظلمت الخطيئة روح شعبنا و أضلتنا في براري لا سبل فيها ... الخطيئة أشعلت في كل مكان مصابيح الأهواء و الكراهية و الخبث. قام الأخ على أخيه و السجون طفحت بالموقفين. الأرض تستقي من الدم البريء المهراق بأيدي الأخوة ... لقد شئنا ان نبني الفردوس على الأرض من دون الله و بمعزل عن وصاياه المقدسة. الله لا يُشمخ عليه. فها نحن جياع عطاش بائسون في أرض بوركت بعطايا طبيعية سخية ... الخطيئة الجسيمة من دون توبة أصعدت الشيطان من الهاوية و ها هو يحرك التجديف على السيد الرب الإله و يتسبب في اضطهاد كنيسة المسيح" .
استمرّ القدّيس في خضم الفوضى العارمة والمذابح والانتقامات يدعو إلى سيرة كسيرة الشهداء. في كانون الثاني من العام 1918 حرم أصحاب الثورة للفظائع التي إرتكبوها. لم يشأ البتة أن يتدخل في شؤون السياسة. اهتمامه كان إيمانيًّا بحتًا. جرت عدّة محاولات لاغتياله، ورغم ذلك كان يدعو إلى العفو والمصالحة.
في العام 1921 أنشأت جماعة إكليريكيّة منحرفة ما عُرف بـ "الكنيسة الحيّة". هذه أخذت تهدد، مدعومة من أصحاب الثورة، بتقويض دعائم الكنيسة والتراث الأرثوذكسيين.
إلى هذه المحن أُضيفت، في العام 1922، محنة جديدة لما ضربت المجاعة الملايين من السكان. عمل البطريرك على تنظيم المساعدات ما أمكنه حتّى باع المثمّنات التي لم يكن لها استعمال في الليتورجيا. أمّا الأواني الكنسيّة فلم يسمح ببيعها. في أيار 1922 عمدت "الكنيسة الحيّة" المزعومة إلى الإطاحة بتيخون فجرى حبسه حتّى حزيران 1923م حين أطلق سراحه. بقي صامدًا وأطلق حرمًا في حق كهنة هذه الكنيسة ومن يشتركون في صلواتهم وأسرارهم. وفي العام 1924 جرت محاولة أخرى لاغتياله ومورست عليه كافة الضغوط التي استنفدت قواه الجسديّة والعصبيّة. أُدخل المستشفى في كانون الثاني 1925 ورقد رقود المعترفين في عيد البشارة من تلك السنة بعد ان تنبأ ان الليل "سيكون طويلاً و مظلماً ... ".
يذكر أن قداسته جرى إعلانها في السنة 1989م