رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سؤال:
"ألم يتم إثبات عدم وجود الله؟" الجواب المسيحي: إن الشخص الذي يسأل هذا السؤال يعتقد عادة أن إثبات عدم وجود الله قد تم بواسطة الفلسفة أو علم النفس أو العلوم الطبيعية. الإعتراضات الفلسفية على وجود الله- المشكلة: إن الإعتراض الفلسفي الأكبر على وجود الله كما يصفه الكتاب المقدس يتضمن مشكلة الشر. فالمسيحية تعلم أن الله هو في نفس الوقت كلي القدرة (راجع مزمور ١١٥׃٣؛ إرميا ٣٢׃١٧؛ متى ١٩׃٢٦) وكلي القداسة (راجع لاويين ١١׃٤٤–٤٥؛ مزامير ١١׃٤–٦؛ ١٨׃١؛ ١٤٥׃٧؛ إشعياء ٥٧׃١٥؛ حبقوق ١׃١٣؛ يعقوب ١׃١٣). المسيحية تقول أيضاً إن الله خلق كل شيء ( راجع تكوين ١׃١؛ خروج ٢٠׃١١؛ نحميا ٩׃٦؛ مزامير ٣٣׃٦؛ ١٠٢׃٢٥؛ أعمال ٤׃٢٤؛ ١٤׃١٥؛ ١٧׃٢٤). ولكن الشر موجود في العالم، وبالتالي، كثير من الملحدين يقولون، إما ألا يكون الله كلي القداسة وهو خالق الشر، أو أن الله ليس كلي القدرة ولا يستطيع أن يفعل شيئاً بالنسبة للشر. وفي كلا الحالين، يَخْلُص الملحدون إلى القول إن الله الكلي القداسة والكلي القدرة كما يصفه الكتاب المقدس لا يمكن أن يكون موجوداً. الجواب المسيحي: يجيب المسيحيون على الحجج الفلسفية ضد وجود الله بتأكيدهم على العقيدة المسيحية الخاصة بالخلق. وخلافاً لما تقوله الأديان التي تؤمن بوحدة الوجود (Pantheism)، تُعلّم المسيحية أن الله خلق ما ليس هو الله. فعقيدة الخلق تُعلّم أن الكون ليس جزءاً من الله، ولا هو وهْم في فكر الله. تُعلّم المسيحية أن الله أعطى خليقته وجوداً حقيقياً. والأمر لا يقتصر على أن الله خلق شيئاً مستقلاً عنه، بل أيضاً أن الله كوّن بعض خليقته على صورته (راجع تكوين ١׃٢٦–٢٧؛ ٥׃١؛ ٩׃٦؛ ١ كورنثوس ١١׃٧؛ يعقوب ٣׃٩). فحسب تعليم الكتاب المقدس، إن البشر قد خُلقوا على صورة الله. وجدير بالذكر أن إحدى النتائج المترتبة على أن البشر قد خُلقوا على صورة الله هي أن يكونوا قادرين على اتخاذ القرارات. فالناس ليسوا كائنات آلية مبرمجة أو حيوانات محكومة بغريزتها - ولكن لديهم إرادة حرة. وعندما يقول اللاهوتيون أن لدى البشر إرادة حرة، فإنهم لا يعنون أن لدى هؤلاء إختيارات غير محدودة، بل أن لديهم فقط إمكانية الانتقاء بين خيارات متوفرة. عندما خلق الله البشر بإرادة حرة، أعطاهم الإمكانية لأن يحبوه فعلاً أو يرفضوه. وأعطاهم القدرة، بحرية، على إطاعته أو العصيان عليه. فالله لا يُرغم أحداً على أن يُحبه أو يتبعه (يوحنا ٣׃١٦–١٨؛ ٢ كورنثوس ٥׃١٩–٢١؛رؤيا ٣׃٢٠؛٢٢׃١٧). والمسيحية تُعلّم أن سوء استخدام الإرادة الحرة هو الذي سمح للشر بأن يدخل العالم (راجع تكوين ٣׃١–٢٤). عندما يقول المسيحيون بأن الشر قد خُلق بسبب سوء استخدام الإرادة الحرة، يعترض الملحدون أحياناً بطرح الأسئلة التالية: الإعتراض الفلسفي: "لماذا خلق الله كائنات قادرة على فعل الشر؟" الجواب المسيحي: يُسَلّم المسيحيون بأن الله، نظرياً، كان بإمكانه أن يخلق عالماً بدون كائنات حرة أخلاقياً – قادرة على الإختيار بين الخير والشر. على أنهم يعتبرون أن عالماً كهذا كان سيكون أقل قيمة من العالم الذي نعيش فيه اليوم. ومن المهم أن نتذكر أن نظاماً ليس فيه كائنات حرة أخلاقياً هو نظام لا أخلاقي بطبيعته. والمسيحيون يعتقدون أن عالماً حيث توجد أخلاق هو أفضل من عالم حيث العدالة والفضيلة لا تكونان ممكنتين. كما أن المقدرة على اتخاذ قرارات على أساس المبادئ هي إحدى أعظم هبات الله. وإن إمكانية سوء استخدام هذه الهبة وحصول سوء استخدامها فعلاً، لا يقللان من قيمتها. الإعتراض الفلسفي: "لماذا لم يخلق الله كائنات حرة لا تخطئ؟" الجواب المسيحي: إن الذين يثيرون مثل هذا الإعتراض لا يكلفون أنفسهم بتقديم جواب مقبول على التساؤل، كيف يستطيع الله أن يتلاعب بحرية الإختيار وفي نفس الوقت يبقى الإختيار حراً؟ تُعلّم العقيدة المسيحية أن الله كلي القدرة. ولكن هناك بعض الأشياء التي، حتى الله الكلي القدرة لا يستطيع أن يفعلها. ومثال ذلك أن الكتاب المقدس يُعلّم أن الله لا يستطيع أن يفعل خطية (راجع سفر العدد ٢٣׃١٩؛ ١ صموئيل ١٥׃٢٩؛ عبرانيين ٦׃١٨؛ يعقوب ١׃١٣). ويقول علماء اللاهوت المسيحيون أيضاً إن الله لا يستطيع أن يعمل أي شيء دون معنى أو مناقضاً لطبيعته. وعندما يسأل أحد المشككين لماذا لم يخلق الله خليقة حرة لا تختار الشر، يمكنه كذلك أن يسأل لماذا لم يخلق الله دوائر مربعة؟ وواضح أن كلا السؤالين متناقضين وبدون معنى. فالمربع ليس دائرة كما أن الإرادة المقيدة ليست حرة. الإعتراضات السيكولوجية على وجود الله: ألم يبرهن علم النفس أن الإيمان بالله ليس سوى تحقيق لأمنية؟" هناك حجة رائجة بين الكثير من الملحدين، وهي أن الناس يؤمنون بوجود الله لأسباب سيكولوجية. ويقولون إن الناس الذين يؤمنون بالله ليسوا أقوياء بما فيه الكفاية لمجابهة الواقع دون العكاز السيكولوجي الذي يرمز إلى الإيمان بوجود الله. وبالتالي، فإن الإيمان بالله ليس ألا تحقيق أمنية سيكولوجية. الجواب المسيحي: عندما يتلقى المفكرون المسيحيون التحديات المتمثلة بالحجج السيكولوجية ضد وجود الله، يجيبون بأن ما يتمنى المرء أن يكون صحيحاً ليس له أي تأثير على الواقع. ومجرد أن يريد كثير من الناس أن يكون الله المذكور في الكتاب المقدس موجوداً لا تأثير له على حقيقة وجود الله. ثم إنه ليس من المنطق بشيء أنه لمجرد أن نتمنى أن يكون شيء صحيحاً، يجب بالتالي أن يكون غير صحيح. ليس من المنطق أن نقول إنه لا يمكن أن يكون الله موجوداً فعلاً، لمجرد أن المسيحيين يتمنون أن يكون موجوداً. وأحياناً يحصل أن يكون ما نتمناه موجوداً فعلاً. ومن الضروري أن نبين لغير المؤمن أن الحجة السيكولوجية ضد وجود الله هي سيف ذو حدين يقطع في الاتجاهين. فإذا كانت الحجج السيكولوجية صحيحة، يكون باستطاعة المسيحيين القول بنفس السهولة إن الإلحاد هو عكاز سيكولوجي للذين لا يستطيعون مجابهة الحقيقة بأن الله المذكور في الكتاب المقدس موجود. ذلك بأن الفكرة أنه سيتوجب عليهم يوماً ما أن يقدموا حساباً عن حياتهم أمام إله كلي المعرفة وكلي القدرة هي سيكولوجياً فكرة مؤلمة للملحد. وبالتالي، فإن الملحد يقمع فكرة وجود الله لأسباب سيكولوجية، لأنه لا يريد أن يكون الله موجوداً. وكما سبق وقلنا، فإن ما نتمناه ليس له أي تأثير على ما هو موجود فعلاً. والحجة السيكولوجية ضد الإلحاد هي غير سليمة منطقياً، تماماً كما هي غير سليمة منطقياً بالنسبة للإيمان بالله. على أن المناقشة أعلاه تبين أن الحجة السيكولوجية ليست مشكلة بالنسبة للإيمان بالله أكثر مما هي مشكلة بالنسبة للإلحاد. الإعتراضات العلمية على وجود الله: "ألم يثبت العلم أن الله غير موجود؟" إن الملحدين الذين يسألون هذا السؤال غالباً ما يعتقدون أن العلم ونظرية التطور قد أثبتا كلاهما أن الله غير موجود. الجواب المسيحي: صحيح أن نظرية التطور تُعَلّم أن سلسلة من العمليات المتعاقبة، والطبيعية تماماً، يمكن أن تفسر سر الكون. على أن هناك الكثير من الأسباب المقنعة لرفض عقيدة التطور الإلحادية والإيمان بعقيدة الخلق الكتابية. وعلى سبيل المثال، فإن أعمال الرصد الفلكي تشير إلى أن الكون لم يكن دائماً موجوداً، بل وُجد في وقت ما من لا شيء. وهذه النتيجة للرصد الفلكي تتوافق مع تعاليم الكتاب المقدس، الذي يشير أيضاً إلى أن الله خلق الكون من لا شيء (راجع مزمور ٣٣׃٦؛ عبرانيين ١١׃٣؛ رؤيا ٤׃١١). وفضلاً عن ذلك، فإن سجل الأحافير (الأحفور (fossil): بقايا حيوان أو نبات من عصــر جيولوجي ســالف مستحجرة في أديم الأرض)، الذي يعتبره العديد من أنصار نظرية التطور من أقوى البراهين الداعمة لنظريتهم، هو، في الواقع، من أهم نقاط ضعفهم. فبينما يوجد هناك الكثير من الأنواع الأحيائية المنقرضة التي يمكن رؤيتها في سجل الأحافير، إلا أنه ليس هناك من إثبات، حتى بشهادة التطوّريين أنفسهم، على وجود أشكال حياة انتقالية تربط بين هذه الأنواع. ولذا فإن سجل الأحافير لم يدعم نظرية التطور بتقديم الإثبات على التغييرات التدريجية للأنواع الأحيائية وانتقالها من نوع لآخر. وعلى العكس، فهناك أنواع جديدة تظهر على سجل الأحافير بشكل مفاجئ ومتكامل. ومجمل القول، إن الإكتشافات العلمية، بعيداً عن تمكنها من إثبات عدم وجود الله، فإنها، بالمقابل، جعلت الإيمان بوجود الله أكثر مصداقية. وكلما اكتشف العلم مدى تشعب وتعقيد الخليقة، كلما أصبح من الأصعب التصديق بأن كل ذلك حصل بالصدفة. وكمثل على ذلك، فقد اكتشف العلم أن خلية واحدة من الحمض الريبي النووي (DNA)، بإمكانها أن تحتوي على قدر من المعلومات يساوي ما يحتويه مجلد كامل من إحدى الموسوعات. وما من أحد يجد مجلداً من موسوعة في غابة، ويفترض نهائياً أن مجرد قوى وعناصر عشوائية هي التي أوجدته بالصدفة. لا شك أن إستنتاجاً كهذا يُرفض حالاً على اعتبار أنه غير قابل للتصديق بتاتاً. ومع ذلك نرى أن الملحدين يأتون بمثل هذا الإستنتاج غير المعقول عند تواجههم مع كمٍّ مشابه من المعلومات في خلية DNA واحدة. مما لا شك فيه أن الإقتناع بوجود الله يحتاج إلى الإيمان، ولكن الإكتشافات العلمية الحديثة أظهرت أن الإقتناع بوجود الله لا يحتاج إلى إيمان بالقدر الذي يحتاجه الإقتناع بالإلحاد. الخلاصة: إن إثبات عدم وجود الله لم يحصل البتة. فقد عجزت الفلسفة والسيكولوجية والعلم عن إثبات عدم وجود الله. وفي حين أن الاعتقاد بوجود الله يحتاج إلى إيمان، فإن هذا الإيمان لا يعدو عن أن يكون معقولاً ومنطقياً. |
|