القديس الحارث (اريتا) الشهيد العظيم ورفاقه في نجران (523م)
24 تشرين الأول شرقي (6 تشرين الثاني غربي)
كان الحارث رأساً على مدينة نجران وجوارها، في شمالي اليمن، مسيحياً يسلك في مخافة الله، يسوس مدينته بالحكمة والدراية ويشهد له الجميع بالفضل والفضيلة. وكان قد تقدّم في السن كثيراً عندما واجه سيف الاستشهاد.
وخبر استشهاده أن المتولّي على مملكة سبأ، أو المملكة الحميرية، أي بلاد اليمن، آنئذ، كان يهودياً اسمه ذو النؤاس. هذا كان في صراع مع ملك الحبشة المجاورة، كالب (ألسبان) المسيحي. ولما كان ذو النؤاس يخشى جانب مدينة نجران اليمنية أن تعين عدوّه عليه، بسبب وحدة الإيمان بين نجران والحبشة عزم على محو المسيحية من هناك، وحشد لذلك قوات كبيرة من العسكر، وأتى فحاصر المدينة. لكن نجران صمدت. فأخذها بالحيلة. ولما دخلها أعمل السيف في رقاب بنيها. وكان يأتي بالناس إليه ويخيّرهم بين الموت ونكران المسيح. وأول من مثل لديه في المحاكمة شيخ نجران، الحارث، وقد جيء به محمولاً لأنه كان قد بلغ الخامسة والتسعين من العمر.
وقف الحارث أمام الغازي فأبدى شجاعة فائقة، واستعداداً دائماً لأن يموت من أجل اسم الرب يسوع ولا ينكره. وكان مع الحارث جمع من الناس بلغ عددهم أربعة آلاف ومئتين وثلاثة وخمسين. فلما رأى ذو النؤاس أن ثني هذا الشيخ عن مسيحيته أمر مستحيل، أمر به فقطعوا هامته. وكما أبدى الحارث مثل هذه الأمانة أبدى رفاقه أيضاً، فتسارعوا الواحد بعد الآخر وأخذوا يسمون أنفسهم على الجبهة بدم شيخهم وكبيرهم استعداداً للموت. فما كان من ذي النؤاس الباغي سوى أن قتلهم جميعاً بحد السيف.
هكذا اقتحم هؤلاء الأبطال جدار الخوف من الموت متممين بدمائهم القول الإلهي الذي للرسول بولس "أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلية... تقدر أن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا" (رومية 38:8-39).