الان الكاردينال فينسنت نيكولاس يكتب مسلم مسيحى يهودى.. أدياننا توحدنا أكثر مما تفرقنا

[Mary Naeem]

الان الكاردينال فينسنت نيكولاس يكتب مسلم مسيحى يهودى.. أدياننا توحدنا أكثر مما تفرقنا

لم تكن رحلة المجوس إلى بيت لحم سهلة أبداً، حيث كان يتعين على الرعاة تسلق الجبال، لكنهم فى النهاية وجدوا طريقهم إلى يسوع، فالطريق إلى السلام دائماً ما يكون صعباً، حيث إن هناك الكثير من الجدران التى يجب التغلب عليها، والعديد من الجسور التى سيتم بناؤها للوصول إليه.
وقد تم بذل العديد من المحاولات الفاشلة للتوصل إلى السلام فى الأرض المقدسة، حيث لم تنجح أى منها، والسبب هو أن كل عمليات السلام الكبرى كانت تسير وفقاً لنماذج علمانية بحتة.
ولكن قبل بضعة أسابيع، اجتمع زعماء دينيون من فلسطين وإسرائيل، جنباً إلى جنب، فى إسبانيا، فى مبادرة غير مُعلنة، لتشكيل حجر الأساس للسلام المبنى على مقتضيات معتقداتهم الدينية المشتركة، وجاءت هذه المبادرة بدعوة من الحاخام ميشيل ميلشيور، وهو عضو سابق فى الحكومة الإسرائيلية.
وحكى لى الحاخام ميلشيور عن اعتقاده بأن الغالبية العظمى من الإسرائيليين والفلسطينيين يتوقون إلى السلام، وأنه لابد من إيجاد طريقة لتشكيل عملية نحو تحقيق السلام الذى يجمع بين دياناتهم المسيحية والإسلامية واليهودية معاً.
وانضم إليه فى هذه المبادرة ١٠ حاخامات آخرون، و١١ من كبار قادة المسلمين من الضفة الغربية، وقطاع غزة، والأردن، و٤ من القادة المسيحيين، من الكاثوليك، والأرثوذكس، واللوثريين.
وبحث كل هؤلاء معاً عن أعمق الدوافع الموجودة فى دياناتهم المختلفة، والتى يمكن أن يستخدموها فى البحث عن سلام دائم لبلادهم، وأكدوا فى مبادرتهم أن «الفلسطينيين والإسرائيليين مسؤولون عن مصيرهم المشترك، وأن الديانات الـ٣ هى المسؤولة عن خلق حالة من التعايش السلمى، والاحترام المتبادل القائم على العدل، والسلامة، وهى الأشياء التى أوصانا عليها الله من خلال أنبيائه»، ودعا المشاركون فى المبادرة إلى «ضرورة إيجاد حل يقر بحق الشعبين فى العيش بكرامة».
وأصدروا بياناً، فى نهاية اللقاء، أصروا فيه على أن أساس التعايش بشكل كريم، والذى لابد أن يكون مبنياً على القيم الدينية والرغبة المشتركة، هو رفض كل أعمال العنف والكذب، قائلين إن «أعمال العنف التى تجرى، والتى يُقال إنها باسم الله، ما هى إلا تدنيس لاسمه، فهى جريمة ضد خلقه، كما أنها تقلل من الأديان السماوية»، وطالبوا بوقف التحريض ضد الجار، وتشويه صورة الآخر.
والكذب والتلاعب وشيطنة الآخر هى جميعها أمور تؤدى إلى خلق مناخ يجعل من التعاون البنَاء، والسلام، أمراً مستحيلاً، ولكن التعليم وتعزيز ثقافة الفضيلة، المبنية على أساس الاحترام المتبادل، هما فقط ما يمكنهما مواجهة الفساد والكذب والتضليل، وخلص المشاركون فى المبادرة إلى أنهم سيعملون معاً للتعبير عن رسالة دينية من أجل السلام فى الأرض المقدسة لخير جميع الناس، وأنه يجب التوحد بقلب صادق لأداء إرادة الله.
ولكن ما الذى يوحد بيت لحم حقاً؟، هل هى الجهود المبذولة من الحاخامات، والأئمة، والأساقفة؟ لا يزال استقرار بيت لحم أمراً بعيداً، فبالتأكيد، الفشل والتشوهات فى الحياة الدينية تساهم فى هذا التباعد، ولكن إذا واجهنا هذه التحديات فإننا سنكون بحاجة لحشد كل الموارد المتاحة.
فبدلاً من السعى لقمع مظاهر الإيمان، فإنه يجب أن نسعى لتوظيف الموارد الإيمانية الثمينة، فنحن، كأفراد ومجتمعات، فى حاجة إلى الموارد الإيجابية التى يمكن أن يجلبها الإيمان، والتى منها الاحترام العميق لكرامة كل شخص، ورفض الكراهية والعنصرية.
ونحن نعلم أن هذا البلد يتنظر أوقاتاً أصعب مما نمر بها الآن، وذلك على المستوى المالى، والاقتصادى، والاجتماعى، كما نعلم، أيضاً، أن محاولات تسوية الخلافات والتوحد حول رؤية جديدة سيكون أمراً محل اختبار، فهم بحاجة للتحلى بالصبر والاستعداد للعمل جنباً إلى جنب، مع التحلى بكرم الأخلاق، وخاصة تجاه الضعفاء وكبار السن، الذين هم، فى كثير من الأحيان، لا صوت لهم.
وهناك واجب على كل من يمارس القيادة فى هذه الظروف، وهو أن يبحث عما يوحد الجميع، وليس ما يفرقهم.
*رئيس أساقفة وستمنستر

[walaa farouk]

ربنا يبارك خدمتك يا مرمر

[Mary Naeem]

شكرا على المرور