حين يكون الوداع شيئاً راقياً
لا أدرى لماذا نحرق السفينة ونحن نغادرها ونقطع أشجار الحديقة ونحن نودعها لماذا لا نترك الأشياء الجميلة التى أسعدتنا فمَنْ يدرى ربما عدنا إليها مرة أخرى فى يوم من الأيام وبدلاً من أن نرى أطلال السفينة وبقايا الحديقة لماذا لا تبقى الأشياء فى أماكنها حتى لو سكن السفينة مالك جديد أو أطل فى الحديقة إنسان آخر.وإذا كان ولابد من الفراق فليترك كل طرف للآخر مما يجعل ذكراه أفضل وأجمل..من أسوأ الأشياء فى الإنسان أن يحرق كل شىء وهو يغادر المكان كان بيتاً أو عملاً أو حباً أو مكان للخدمة.حاول دائماً أن يبقى المكان على جماله والعمل على بريقه وحتى الحب لا تجعل منه لحظة ألم بل أترك له شيئاً من الأمل فربما عاد النبض يدق أرجاء القلب العنيد لتصفو السماء وتسقط الأمطار ويطل صبح جديد وكمان لا تنسى الذكريات والأيام الجميلة التى قضيتها فى مكان خدمتك..كل الذين تركوا بيوتهم أحرقوا أجمل الذكريات فيها وكل الذين تركوا أعمالهم أفسدوا كل شىء فيها ومَنْ ترك حبيباً فى لحظة وداع قاسية ترك الألم والجراح والوحشة وكل مَنْ ترك مكان خدمته فى لحظة زعل ترك الدموع فى عيون حبايبه الخدام دموع اللحظات والأيام الجميلة..إذا كان الوداع ضرورة فليكن وداعاً راقياً بلا جراح وإذا كان الفراق لا بديل عنه فلا داعى أبداً للجحود والنكران..فى كل شىء نجد أكثر من وجه والأجمل دائماً أن نحافظ على جوانب الخير..لا تحرق صوراً جميلاً عاشت معكم وعشتم بها.وليكن الوداع شيئاً راقياً.