لم يمضِ على مريم ستة أشهر تقريبا ً في الهيكل حتى أَوعز إليها الربّ بقرب وفاة والدها وقد تقبّلت هذا النبأ باكمل تسليم للأمر الإلهي . ولكن بِمَا أن محبة الأهل هي دين طبيعي ، وكانت تتحلى به على أكمل وجه شعرت بألمٍ كبير يتناسب وسموِّ نفسها . إيفاءً لكل ما كان يتوجب نحو طبيعتها والنعمة التي كانت تتحلى بها صلَّت إلى الله بحرارة من أجل انقضاء أجل والدها بسلام وتهيأت لتتقبله مع كل الأشجان التي يريدها لها الرب .
تقبَّلت سيادته الإلهية هذا الطلب . وبعدئذٍ أنبأها بوفاة الشيخ الوَقور قبل ثمانية أيام وحددَّ لها حتى ساعة الوفاة .
فأمرت عندئذٍ ، ملائكتها الإثنى عشر الموضوعين تحت تصرّفها ، مؤازرة والدها في ساعته الأخيرة وأرسلت له أيضاً ملائكتها الحراس الألف ، فظهروا له ومن أجل تعزيته الكبرى بشّروه بحضور القديسة حنة بأن ابنته هي المختارة حتى تُصبح أُمَّا عذراء للكلمة المتجسد.
وفي هذه اللحظة بالذات امتلأ شكرًا لله وفرحا ً ومحبة فتوقف عن الكلام وأفاض النَفَسَ الأخير وكان له من العمر تسع وستون سنة ونصف . فحمل الملائكة روحه الى الينبوس حيث بشَّر هناك كسفير العزة الإلهية بأنَّ أُمَّ المخلص المنتظر أصبحت حينئذ ٍ على الأرض . فتهللَّت جماعات الأبرار ابتهاجاً ورفعت للعلي أناشيد تسبيح جديدة فقصَّ
الملائكة الحَّراس على مريم لدى عودتهم جميع ما جرى . فصلّت إلى الله كي يكون المعزي والمرشد لوالدتها المحبوبة . ولما أخبرتها معلمتها بوفاة والدها تظاهرت بجهله تواضعاً منها وذهبت إلى الهيكل حتى تقدم لله ذبيحة تسابيحها لمشيئته .
11 - 12 - 2016, 08:50 PM
رد: حداد مريم فى الهيكل
العرض العادي
