دور البابا كيرلس في حياة تماف ايرينى

[walaa farouk]

بعد رهبنة تماف أصبحت حياتها دمعة وابتسامة، فقد ترنَّمت مع الربيع بألسنة السَّواقي، وابتسمت بشفاه الأزهار، ولمَّا جاء الشتاء بكت مع دموع المطر، وانتحبت مع قسوة رياحه.. فقد جاء ليل الألم ليُخفي جمال الحياة من عينيها! فذهبت إلى الأطباء تشكو من صُداع أصابها، فاتَّفقوا واختلفوا في تشخيصهم ولم تنتفع شيئاً! ويوم بعد يوم تزداد الآلام كما لو كانت زلزال حبلت به الأرض متوجّعة، تُريد أن تلد الألم والشقاء! فما هو الحل؟ رئيسة الدير تقترح أن تذهب إلى القمُّص مينا المتوحِّد.
أول لقاء
أول لقاء وما يُصاحبه من أول نظرة وأول حديث، هو الشُعلة الَّتي تُنير خلايا النفس، وتُحدد مصير علاقات وشخصيّات.. فما أن رأى القمُّص مينا تماف حتى قال للأُم كيريَّا الَّتي رافقتها: هذه هى رئيستكم!! كيف وهى أصغر راهبة في الدير؟! قد تستطيع أن تحيا كعصفور تخلب بتغريدها مسامع الراهبات، لكنَّ العصفور لا يقدر أن يجرَّ المحراث خلفه في الحقل، ولا أن يدور بعجلة معصرة الزيت، لكنَّه أكّد قوله، ثمَّ تَحدَّث عن مجد الدير في عهد تماف وكثرة الراهبات فيه.. وإذ تستأذن الأُم للانصراف، ثبَّتت عينيّها العميقتين بنظرات شكر على وجه البابا، بعد أن صلَّى لها واختفى الصُداع، وأعلمها أنَّ آلامها حرب من كثرة الصلاة والقراءة.
وتمر الأيام وتتعقّبها السنين، وتأتي الملائكة لتحمل روح الأُم البارة كيريَّا واصف رئيسة دير أبو سيفين إلى السماء في (24 سبتمبر1962م)، وهى الَّتي كانت تتَّسم بالروحانيَّة، وقد حفظت معظم أجزاء الكتاب المُقدَّس عن ظهر قلب، حتى إنَّ بعض المطارنة كانوا يُلقبونها ببولس الرسول، فلمَّا سمع قداسة البابا كيرلُّس بخبر النياحة أرسل أنبا كيرلُّس أسقف البلينا بخطاب يطلب سيامتها.
إرشادات البابا
أنا راهبة صغيرة أحمل عقلاً صغيراً، أُخرجه من رأسي وأحمله على كفّي وأتفحَّصه فأجده يحتاج إلى خبرة وإرشاد! فهل يُرشدني الله أم يُرسل إرشاده لي عن طريق البشر؟ تُشير الأحداث إلى أنَّ الله ساندها كثيراً وأرشدها عن طريق البابا كيرلُّس، فقد تعلَّمت منه حكمة: ألاَّ يُحطِّم الأعرج عكَّازه أمام الناس لأنَّه بهذا يُظهر ضعفه، ولأنَّها صغيرة يجب ألاَّ تظهر ضعيفة أمام الراهبات.
وتروي تماف أنَّها كانت في حاجة إلى إرشاد سيِّدنا، عندما كان في دير مارمينا، لكنَّها مريضة ولا تقدر على السفر فماذا تفعل؟ ظهر لها البابا وتكلّم معها! وأرشدها في كل ما طلبته منه، وعندما ذهبت إليه بعد ذلك، تكلّمت معه وأعلمها بمجيئه وكل ما قاله لها!
نمرة التليفون
يوم السبت يهل بصباحه مبتسماً كورود الربيع، والشمس تتجلّى مُشرقة في كبد السماء، حيث اعتاد البابا كيرلُّس أن يلتقي برئيسات أديرة الراهبات من الساعة الثانية ظهراً إلى الساعة الخامسة، ليُرشدهنَّ ويعزِّيهنَّ ويأخذ بأيديهنَّ.
وقد اعتاد قداسته أن يُعطيهن نمرة التليفون عندما تتغيّر، ومرَّة لم يعطيها لهن، في وقت كانت تماف في أشد احتياج لإرشاده، فظهر لها وتكلّم معها، ولمَّا طلبت النمرة أعطاها لها، وفي الصباح طلبت قداسته فقال لها متسائلاً: من أعطاكِ النمرة؟ فضحكت وقالت: شوف قُدسك مين؟!
نصف تفاحة
هرولت مُسرعة للقاء البابا بينما عاصفة الجوع تعصف بها، فقالت في نفسها: إفتح يا سيِّدنا لتعطيني حاجة آكلها، ففتح! وعندما جلس مع الراهبات أعطاها نصف تفاحة وكل راهبة ربع! فداعبته الأُم كيريَّا قائلة: أنت مش قادر تخفي محبَّتك لتماف حتى في وجودنا، فقال: أنتِ أكلتي كذا وهذه أكلت كذا! أمَّا هى فلم تأكل شيئاً! فكيف عرف إن لم تكن لديه شفافيّة!! فانطبق عليه القول: إن كنت لا ترى غير ما يكشف عنه الضوء، ولا تسمع غير ما يُعلن عنه الصوت، فأنت في الحقيقة لا تُبصر ولا تسمع!
فقر وعنطزه
اعتاد رجل غني أن يذهب للدير ويُعطي الراهبات فلوس في أيديهن، وكان هذا يُتعب تماف جداً، فرفضت أن يستمر هذا الوضع، وطالبته أن يتوقّف عن هذه العادة، فتألّم الرجل فإنَّه لعذاب حقيقيّ أن يمد إنسان يده ملأى فلا يجد من يغترف منها!
فلمَّا ذهبت تماف للبابا قال لها: هو فقر وعنطزه! فتعلّمت أنَّ الكلمة الطيبة والتواضع فأس ومحراث يمكن أن نحفر بهما الأرض فنجد كنزاً، شرط أن نحفر بإيمان الفلَّاح وتواضعه، وهؤلاء الَّذين يأتون إلى الأديرة، هم أشبه بسائح الَّذي يتنقل من مكان إلى آخر، فيأتي إلينا لعلَّه يكتشف في حياتنا إقليماً جديداً!
والحق إننا كثيرا ما نتعلّم الصمت عن الثرثار، والتسامح عن المتعصّب، والرقّة عن القاسيّ، والعطاء عن البخيل.. ومع هذا لا نعترف بحق هؤلاء علينا، ونُنكر أنَّهم علَّمونا أشياء ربَّما كنَّا بدونهم نجهل أن نتعلّمها!

[Mary Naeem]

مشاركة جميلة جدا

ربنا يبارك حياتك

[Rena Jesus]

بركة صلاتهم تكون معانا
ميرسى ربنا يفرح قلبك

[walaa farouk]

مارى
رينا
ميرسي كتير على مروركم الغالى

[MenA M.G]

"اُذْكُرُوا مُرْشِدِيكُمُ الَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ اللهِ. انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ."
ربنا يبارك خدمتك

[walaa farouk]

ميرسي على مرورك الغالى مينا