ينتشر بين الناس مفهوم خاطىء تماماً ، وهو أن من يحضر قراءة الإنجيل يمكنه أن يتقدَّم للتناول. وقد أصبح هذا الأمر شائعاً لدرجة أنه أصبح من المعتاد أن تظل الكنيسة شبه خالية من الحضور ، وما أن تقترب صلوات الإنجيل، إلا وترى الناس يتقاطرون إلى الكنيسة بشكل مُلفِت للنظر.
وليت الأمر يقف عند هذا الحدّ ! ! ! لكن الأدهى من ذلك هو أن البعض يفاجىء الكاهن (أمام الذبيحة) بأنه لم يحضر الإنجيل ... وهم بذلك يطلبون إستثناء بعد الخطأ كما لو كان التقصير يبدأ من هذه النقطة فقط.
إن موضوع حضور الإنجيل لا يخرج عن كونه تدريباً خاصاً أُعطِى لأحد الأشخاص من أب إعترافه ( ربما قبل خمسين أو ستين عاماً) ، وحيث أن الشخص المذكور فى الغالب كان مريضاً أو طاعناً فى السن ولا يستطيع حضور صلوات القداس من أولها ، فيمكن أن يكون أب إعترافه قد سمح له بالحرص على حضور الإنجيل خاصةً فى يوم التناول. وبمرور الزمن – ونظراً لأن هذا الشخص (فى الغالب) أذاع هذا التدريب لآخرين – تحوَّل هذا التدريب الخاص إلى عُرف فى الكنيسة ، لدرجة أن كثير من الآباء ينادون بأن " حضور الإنجيل يكفى لأن يشترك الشخص فى التناول".
والحقيقة أن إنشغال أى شخص بفكرة حضور الإنجيل كشرط للتناول يحمل فى طياته فكراً خاطئاً عن حقيقة جمال العِشْرة مع الله ويحوِّلها إلى علاقة تجارية تخضع للمساومة وتخرج بالعلاقة الخاصة مع الله عن مضمونها.
ولا يوجد لا فى قوانين الكنيسة ولا تاريخها ما يشير إلى هذا الأمر ، وهو كما سبق وذكرنا لا يخرج عن كونه خطأً تمّ تداوُلُه واستمرّ على مدى السنين حتى أصبح فيما يشبه القانون.
ومن خلال إستقراء تداعيات هذه الظاهرة الخاطئة ، يمكن أن نشير إلى بعض الأسباب التى تقود إلى إنتشارها ورواجها بين الناس:
(1) إختزال العلاقة مع الله عند بعض الناس فى مجموعة من الممارسات الشكليه فى العبادة ليس إلاَّ.
(2) نسيان (تناسى) وصية الله فى العهد القديم بتفديس يوم للرب (خروج 8:20). ولا أعتقد أن السيد المسيح قد قام بأى تعديل فى هذه الوصية.
(3) قيام الشمامسة فى بعض الكنائس بترديد ألحان طويلة نسبياً وكثيرة ( خاصَّة فى قداس الموعوظين)، مما يصيب الحاضرين بالملل وعدم الإحتمال فيحضرون للكنيسة متأخرين حتى يتفادوا حضور هذه الألحان.( يزداد الأمر وضوحاً حينما يكون أداء الشمامسة غير مُتقَن).
(4) عدم إلتزام بعض الآباء الكهنة بمواعيد إبتداء ونهاية القداس ، مما يربك جمهور الحاضرين. فإذا حضروا مبكرين قد لا يجدوا أن هناك قداس قد إبتدأ ، وإذا حضروا متأخرين قد يجدوا القداس وقد بدأ مبكِّراً.
(5) مبدأ التسهيلات الذى ينتهجه البعض بحجة الحفاظ على أبناء الكنيسة وجذبهم على حساب العقيدة والطقس الكنسى.
(6) محدودية عدد الشمامسة فى بعض الكنائس تجعل بعضهم يشعرون بحاجة الكنيسة لهم فيستمرؤون الحضور متأخِّرين ، ونفس القول بالنسبة لجمهور الشعب ( خاصة فى البلاد القليلة العدد أو الكنائس الحديثة العهد).
(7) عدم شرح طقوس الكنيسة للناس مما يجعلهم يتعاملون مع طلاسم لا يفهمونها.
(8) التوقُّف عن التنبيه عن خطأ هذا المنهج وأنه غير موجود أو مقبول كنسياً.(سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات)
القداس يبدأ منذ اللحظة التى يدخل فيها الكاهن للكنيسة ليصلى رفع بخور باكر. وأى حضور بعد ذلك يُعتبر تأخيراً. ولا أعتقد أن التأخير سيمتد حتى قراءة الإنجيل فيكون رفع بخور باكر وصلاة المزامير ورفع الحمل وقراءات القداس كلها خارج المقرر.