• إلى اللافرا فإلى الصحراء:
توفي أخو غريغوريوس الأصغر، ثيودوسيوس، وكذا نيقوديموس الشيخ فانتقل غريغوريوس وأخوه الثاني، مكاريوس، إلى دير اللافرا الكبير الذي كان أول دير في الجبل المقدّس (آثوس)، والذي أسسّه القدّيس أثناسيوس الآثوسي في القرن العاشر للميلاد.
بقي غريغوريوس في اللافرا ثلاث سنوات ساد خلالها بنعمة الله والجهاد المرير والنسك الشديد لا على أهوائه وحسب، بل حتى على ضرورات الطبيعة. فلقد حارب النعاس وتغلّب عليه إلى حد أنه بقي ثلاثة اشهر بلا نوم إلا قليلاً من الراحة بعد الطعام حتى لا يفقد عقله صوابه. بعد ذلك خرج غريغوريوس إلى الصحراء طالباً المزيد من الخلوة والهدوء، فاستقر حيناً في اسقيط يدعى "غلوسيّا " حيث تتلّمذ لناسك شهير في الهدوئية اسمه غريغوريوس البيزنطي، فأخذ عنه الأسرار الفائقة للصلاة العقلية ولرؤية الله السامية.
وقد اكتسب خلال إقامته في هذا الاسقيط تواضعاً عميقاً اقترن بمحبّة لا توصف لله والقريب. كما ساعدته الخلوة والهدوء على تركيز العقل في القلب، والدعوة باسم الرّب يسوع بنخس، فأضحى كلّه صلاة، وصارت الدموع العذبة تتدفّق من عينيه كمن معين ماء لا ينضب.
لم تطل إقامة غريغوريوس في هذا الاسقيط أكثر من سنتين أو ثلاث، غادر بعدها إلى تسالونيكي بسبب غارات القراصنة الأتراك (1325م)، وكان بصحبته اثنا عشر راهباً من الأخوة.