« كل ما شق ظلفاً وقسمه ظلفين ويجتر من البهائم فإياه تأكلون » (لا 3:11)
كانا لازمين ليجعلا الحيوان طاهراً بحسب الشريعة الموسوية؛ هما أن يجتر وأن يشق الظلف، وواحد من هذين الشيئين لم يكن كافياً على الإطلاق لإثبات الطهارة الطقسية. يجب أن يقترن الإثنان معاً.
والمسيحي له أن يتساءل عن المعنى الروحي أو الحق المتضمن في هذه الأمور الطقسية. فماذا نتعلم إذاً من هاتين الخاصيتين في الحيوان الطاهر؟ إن الاجترار ما هو إلا تعبير عن عملية « الهضم الداخلي » للغذاء المأكول. والظلف المشقوق يكلمنا عن صفة السلوك في الخارج. ونحن نعرف أن هناك علاقة متينة جداً بين الأمرين في الحياة المسيحية.
فالشخص الذي يتغذى بمراعى كلمة الله الخضراء ويهضم في الداخل ما يتناوله - ذلك الذي يستطيع أن يقرن التأمل الهادئ في دراسته في الكلمة بروح الصلاة، لابد أن تظهر على سلوكه في الخارج تلك المسحة التي تؤول لمجد الرب، الذي في نعمته أعطانا كلمته لتكيّف عاداتنا وتحكم طرقنا.
وكم نشتاق أن نرى الكثيرين بيننا من هذه العينة!! كم نشتاق أن نعوّد أنفسنا على أن نجد في الكلمة الدسم لنفوسنا. هذا بكل تأكيد يجعلنا أقوياء وأصحاء. ولنحذر من قراءة الكتاب المقدس مجرد قراءة شكلية جافة. ولنذكر دائماً أن الاجترار ينبغي أن لا ينفصل عن الظلف المشقوق، الأمران متلازمان لإقرار طهارة الحيوان. ومن جهة التطبيق الروحي فإنهما على غاية من الأهمية من وجهة النظر العملية.
إن الحياة الداخلية والمسلك الخارجي يسيران جنباً إلى جنب. قد يقول شخص إنه يحب كلمة الله ويتغذى بها ويدرسها ويهضمها، لكن إن كانت آثار خطواته في طريق الحياة ليست كما يحق لمطاليب الكلمة، فقوله باطل. ومن جهة أخرى قد يسلك شخص كأنه بنقاوة فريسيّة لكن إن لم يكن مسلكه نتيجة للحياة الداخلية الخفية فهو بلا قيمة. أمران يستمد كل منهما قوامه الصحيح وكيانه الحي من الآخر.