إن ما يقوّي الحوار والحب هو روح التعاون, الروح الذي يفترض أنَّ كلاً منّا ملتزم بالآخر ولنا الإرادة الصادقة في أن يحمل بعضنا أثقال بعض وأن يشاطر كّل منّا الاخر في اّلامه كما في الأفراح, ولسان حالنا يقول: لقد ضحّى كلّ منا بذاته لنصبح واحداً ومعاً سنعمل علي مجابهة تحدّيات الحياة . سننجح أحياناً وأحياناً أخرى سنفشل ولكنّنا في الفشل كما في النجاح سنبقى معاً. وقد تحمل خبرتنا معَاً أجمل الذكريات التي لا تُنسى, إنه فرح التعاون, فرح الوحدة وفرح النجاح معاً.
تتراكم أحياناً العواطف في داخلنا فنشعر أنَ فينا حاجة إلى أن ندفع فيها إلى الخارج إنها "فشة خلق".
ولكن أن تكون بشكل دائم فهذا لا يقوي الحوار. بل يجعل قدرتي على الحب والحوار ضعيفة.
وأحياناً نتلاعب على الآخر لحاجتنا إلى رغباتنا بأن نصف مشاعرنا ومشاكلنا ويصبح الآخر مجرد شخص يستمع إلينا بدون أن يكون يوجد حوار.
أنَّ الحافز الوحيد للحوار الحقيقي هو الرغبة الحقيقية في الاتصال بالآخر . فيبقى الحافز الحقيقي الوحيد إلى الحوار رغبتي في أن اقدّم إلى شخص آخر أثمن ما لديَّ, أن أبوح له (أو لها) بذاتي بشفافية تعطي الحوار معناه الحقيقي.
أنا الآن أفهم الصلاة, بل أمارسها كلقاء حميم في علاقة حب. أخاطبه بصدق وأستمع إليه بثقة الصدق في مخاطبة الله هو بدء الصلاة.
فالعلاقة الحقيقية مع الاخر تبدأ في اللحظة التي نقرر فيها أن نضع ذواتنا الحقيقية أمام الآخر.
تُبنى العلاقة مع الله أن أقبلها وأن أقول له في الحقيقة من أنا وان أُلقي بذاتي أمامه بكل حقيقتها وأن أبوح له بعمق مشاعري وأفكاري ورغباتي مهما كانت طبيعتها. ومع كل ما فيها من صواب أو خطأ.
وما سوف أعرضه ليس قسمًا من الحوار, بل يحتوي على حكم وقرار, وفيه شيْ من السحر ينتشل الحوار من الانهيار ويحييه. إنه طلب بسيط: هل لك أن تسامحني؟ إنّ تخريب الحوار والحب غالباً ما يبدأ في ما أُسميه "جرحاً في النفس".. أتكلم معك بشيْ من التعالي مثلاً أو أقول لك كلاماً جارحاً. وقد لا أقدّر وقع نهجي أو كلامي عليك, وكم تسببت لك بشعور الانسحاق. وقد لا تعبّر لي عن ألمك ولكنك تُظهر لي شيئأ من العدائية.
أنا أطلب منك فقط أن تقبلني مجدَّدا في كنف حبك الذي عنه رحلت. إنَ اعترافي بان فيَّ حاجة إلى الغفران هو السبيل الانجح إلى تضميد جراح الروح.
من كتاب رحلة في فصول الحياة