أمنا العذراء مريم كنز من الفضائل ومهما تحدثنا عنها لم نوفها حقها, هى من نتشفع بها ونعتبرها فخر جنسها.
نتكلَّم اليوم عن فضيلة حياة الرضا من حياة أمنا العذراء، نلاحظ في هذا الزمان أن حياة التذمُّر تزداد وتتسع فأنظر إلى القديسة العذراء مريم.
” ليس أني أقول من جهة إحتياج، فإني قد تعلَّمت أن أكون مكتفياً بما أنا فيه ” ( في 4 : 11 ).
بعض الناس يمتلكون كل شيء لكنهم غير فرحين بل مُتذمِّرين, هذا النوع من التذمُّر قد يصيب الكثير من الناس المتزوجين والمخطوبين ومَن يعيش في بلادنا أو في الخارج.
ما معنى الرضا؟:
الرضا هو شعور إيماني وهو شعور إيجابي, هو شعور القلب الهادئ, فهو يُعبِّر عن قبول الإنسان للحياة التي يُقدِّمها له اللـه فيشكر اللـه على كل شيء.
هو شعور أن اللـه يُدبِّر هذا الكون, ” جعلت الرب أمامي في كل حين لأنه عن يميني فلا أتزعزع “.
جوانب حياة الرضا:
1ـ هى طبيعة شخصية: تكوَّنت من خلال نشأة الإنسان وتربيته وهذه من أهم الفضائل التي يجب أن نزرعها في تربية أولادنا.
2ـ هى أسلوب حياة: ممارسة يومية في حياة الإنسان في العمل, الدراسة, الخدمة.
نرى أمنا العذراء عندما أخبرها الملاك بالبشارة الفريدة من نوعها في التاريخ, نجد أن ردَّها يُعبر عن حياة الرضا التي تحياها ” هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك “.
3ـ هو علامة نجاح: الإنسان الراضي دائماً ناجح في حياته. أنا لم أقصد بالرضا الإنسان المستكين, هذا أسلوب سلبي.
الإحساس بالرضا يبدأ عندما نعرف أن اللـه هو كل ما نحتاجه. طوبى للإنسان الذي يملئ قلبه اللـه.
4ـ هو حياة الإكتفاء: وهذا أصعب درس يتعلَّمه الإنسان في الحياة لأن الإنسان دائماً في حالة إحتياج، فعند الإكتفاء يصل إلى القمة.
لذلك حياة الخطية تبدأ بعدم الرضا مثل الابن الضال.
” النفس الشبعانة تدوس العسل “، هذا الشبع صورته الرضا, فيابخت كل إنسان يشعر بهذا الرضا.
القلب البشري لن يملأه شيء كما يقول الفلاسفة: ” الإنسان بئر من الرغبات “. الإنسان الذي يتذمر دائماً.
صفات حياة الرضا:
1ـ الشعور بالرضا في القرارت المصيرية: عندما تكون راضياً ستكون ناجحاً ” مَن يضع يده على المحراث لا ينظر إلى الوراء “، مثل راعوث المؤابية ( معنى اسمها الجميلة ) برغم كل ما تعرَّضت له لكنها كانت راضية فاستحقت أن يُذكَر اسمها في سلسلة أنساب السيد المسيح.
2ـ الرضا بالخدمة والمسئولية: المقارنة بالآخرين تتعب الإنسان, لابد أن تعرف أن لكل إنسان وزنة مختلفة عن الآخر.
يمكن أن يتذمر الكاهن على خدمته.
يمكن أن يتذمر الإنسان على عمله فلا يستمر فى عمل أكثر من شهرين مثلاً ” كثير التنقل قليل الثمر ” كما يقول الآباء.
3ـ الرضا بالآخر: ربما يكون في الزواج أو العمل أو الخدمة. ” اثنان خير من واحد لأنه إن سقط أحدهما يقيمه الآخر “.
لكل إنسان مسئولية ودور في هذه الحياة.
بعض الناس يسمونهمtrouble maker صانع مشاكل والبعض الآخر peace maker صانعي سلام, فأي من الاثنين تريد أن تعمل معه.
4ـ الرضا بالظروف أو البيئة المحيطة: كيف لا يتذمَّر الإنسان رغم ما يحيط به من ظروف ومشاكل؟
أن تشعر أن للـه ترتيب لكل يوم لحياتك يستخدمه لخلاصك
قداسة البابا تواضروس الثانى